يكاد يتفق الأمريكان والروس على صياغة موقف متقارب بشأن تهدئة المواجهات وإيقاف إطلاق النار من النظام والثوار؛ للجلوس إلى طاولة المفاوضات!
الرئيس الأمريكي أوباما سبق أن أعلن بأن «بشار» فقد شرعيته، وبأن سوريا خرجت من عباءة حزب البعث، وأن على الرئيس الأسد التنحي فورا عن السلطة، وأن استخدام السلاح الكيماوي «خط أحمر»!
ويبدو أن الرئيس أوباما ينسى اليوم بسرعة ما تحدثت به بالأمس ؛ فهاهي التقارير الطبية والاستخباراتية تثبت بما لا يدع مجالا للشك استخدام نظام بشار غاز السارين السام في مدن سورية عدة، وهاهو يمنع المفتشين من الدخول إلى الأراضي السورية لعدم إثبات وتوثيق هذه الجرائم.
والشيء المثير للسخرية حقا: هل القتل بغاز السارين يختلف عن القتل العشوائي براجمات الصواريخ أو ببراميل الموت التي تطلقها طائرات النظام أو الذبح بالسكاكين في مجازر جماعية مروعة وتصفيات بالجملة على قارعات الطرق ؛ بينما الكيماوي جريمة الجرائم؟!
وهل نحر الأطفال الرضع أو رميهم برصاصات في الرأس أو العنق لا يعد في العرف الدولي منكرا؛ بينما يدان النظام أو ربما تشن عليه حرب ماحقة إذا أقدم على استخدام الغازات السامة؟!
ما الغاية البعيدة التي يرمي إليها التهديد الأمريكي من زجر أو تخويف نظام بشار كي لا يقدم على استخدام الكيماوي؟!
الجواب الذي يدركه من يقرأ ألف باء السياسة: إنه الخوف والقلق على الحبيبة «إسرائيل»!
القلق من الرياح العاصفة أن تطير بذرات هاربة من غير قصد ولا تربص ولا نية مسبقة فتتجاوز بخفة الرياح ومكرها إلى إسرائيل ثم تسقطها على خياشيم ورئات الإسرائيليين الأبرياء الذين تجب حمايتهم من أن تطالهم جرائم ووحشية النظام الدموي!
وكأن أوباما يقول: يا أخ بشار كن ذكيا وواعيا لما نلمح لك به؛ إقمع كما تريد، أقتل كما تشتهي، دمر كما يحلو لك، فهؤلاء الذين ثاروا عليك لا نودهم ولا نميل إليهم؛ بل نشك في نواياهم، وقد نما إلى علمنا أن فصائل منهم إرهابيون؛ على خلاف طائفتك المهادنة الوفية؛ فأنتم حماة الديار، وحماة إسرائيل أيضا، فالخطر الأعظم من هؤلاء الذين يكبر شأنهم حينما يحتدم وطيس أية معركة في ديار العرب أو المسلمين، هؤلاء هم الخطر الساحق الماحق فاسحقهم وامحهم، وإن استعصوا عليك سحقناهم ومحقناهم معك بالطائرات دون طيار؛ لكن إياك إياك أن تتهور وتطلق الغازات السامة؛ فأنت تعلم كم هي المسافة قريبة جدا بينك وبين جارتك المصونة، وحتى لو أطلقت على هؤلاء الإرهابيين شيئا قليلا من السارين بعد أن تيأس من هزيمتهم فكن شديد الحذر من اتجاه الرياح وكيسا في استخدامك المقدار الذي لا يمكن أن يدينك؛ فتحرجنا مع وسائل الإعلام ودعاة حقوق الإنسان.
أما وقد أوشك هؤلاء الثوار على الوصول إلى قصرك كما يبدو ونحن لا نثق بهم؛ فإننا سنأخذ بنصيحة أصدقائنا الفرس والروس، وندعو إلى إيقاف إطلاق النار، والبدء باجتماع ممثلين من نظامك وأعدائك الثوار لاقتسام السلطة؛ فاستمرار الحرب يهدد بتغيير شكل خارطة الشرق الأوسط إلى ما لا نريده نحن ولا يرضى عنه أصدقاؤنا الفرس والروس.
والسؤال المر: هل سيرضى السوريون بعد قتل أكثر من مائة ألف وتعذيب أكثر من مائتي ألف وتهجير خمسة ملايين ودمار سوريا كلها بمشاركة المجرم في حكومته بوزارة أو وزارتين؟!
يا للسخرية!
إصرار الثوار في النهاية هو من يحسم الأمر!
moh.alowain@gmail.commALowein@