يُحكى أن مديراً عاماً من أصحاب (الكراسي المتحرِّكة)، كان يستخدم ذكاءه في التعامل مع موظفيه، فكلما قدِم إليه أحدهم شاكياً أو باكياً من سوء معاملة، أو ظلم مديره المباشر، قام صاحبنا من (كرسيه) وجلس في الكرسي المقابل، وأخرج (ثلاث ورقات) وطلب من الموظف اختيار الإجابات المناسبة قبل أي حديث؟!
لا يستغرق اختيار الإجابات أكثر من (5 دقائق)، ولكنه يكشف عن مدى استعداد الفرد للعمل ضمن الجماعة؟! ومدى تقبل الاختلاف وعدم تحويله إلى خلاف؟! ويفضح نقاط الضعف في الشخصية التي تخضع للاختبار؟! ويبيّن كيف يمكن حل المشكلات بطريقة عملية بعيداً عن أسلوب التضاد أو التصادم.. إلخ!
جميع المتظلمين كانوا يخرجون بنفسيات مختلفة، أغلبهم متناسين (نقاط الخلاف) مع المدير الأصغر، منشغلين بتطوير ذواتهم، لأن (المدير الأكبر) تخلَّى عن (كرسيه) طوال المقابلة وصدمهم بعيوبهم قبل عيوب الآخرين، وبلغة مباشرة!
يقول أهل (فن الإدارة) إن هناك آليات لاستمطار (الأفكار الإبداعية) واستحلابها محلياً، ويعد الراحل (غازي القصيبي) - رحمه الله- (شغل منصب وزير العمل قبل وفاته) من أشهر الإداريين السعوديين في توطين (لغة الإبداع) الإدارية محلياً!
بالأمس قام وزير (في حكومة الوفاق اليمنية) بتنظيم السير في أحد شوارع (صنعاء) بعد اعتلائه (منصة شرطي المرور)، قائلاً إن تطبيق النظام واحترام القانون يبدأ من الشارع وعلى سيارة (المسؤول) قبل سيارة (المواطن)!
وزير العمل (الراحل) سبق هذا الإبداع، عندما تخلّى قبل عدة سنوات عن (مشلح الوزارة) معتمراً (قبعة نادل) في أحد (مطاعم الوجبات السريعة) مع بعض الشباب، لكسر العيب الاجتماعي من العمل في هذه المهن!
رحل (غازي القصيبي) وبقيت تلك الصورة حتى اليوم (مُلهمة) للكثير ممن يعملون في هذه المهن..!
إنه الإبداع الإداري تبعاً للمقولة الأهم (ابدأ بنفسك أولاً)؟!
لو أن كل (وزير أو مسؤول) بدأ بنفسه أولاً وموظفيه، وطبَّق نظام وزارته قبل مطالبة الآخرين بالتطبيق ومحاسبتهم وعلى طريقة (يا عين إن للناس أعين)؟! لانشغل المراجعون بعيوبهم، وسعوا للتخلص منها، وتطبيق النظام، وتصحيح أوضاعهم، بدلاً من محاولة القفز على النظام!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com