تحدث وزير الاقتصاد والتخطيط د. محمد الجاسر للزميل الأستاذ طلعت حافظ في برنامجه (بوضوح) في التلفزيون السعودي مساء يوم الجمعة الماضي وكان الوزير د. الجاسر قد حضر جديدا واستعد بالأرقام والإحصاءات: تفاصيل المدارس والطلاب والجامعات والطرق والمستشفات والمستوصفات والبلديات وجميع قطاعات الخدمات.
بلا شك إنها أرقام إحصائية حصل عليها من الوزارات والقطاعات والهيئات بالإضافة إلى المسح الشامل الذي يتم كل (10) سنوات ومسح العينة السنوية, لكن الوزير د. محمد الجاسر لم يحدثنا عن أن هذه المدارس والخدمات الأخرى هي هدر مالي على الدولة تزيد من كلفة المخصصات المالية المرصودة في الميزانيات وتكون على حساب شقه الثاني الأساس أي الاقتصاد... لأن المناطق النائية والبعيدة كلفتها عالية مقابل قلة عدد سكان في الهجر والقرى. كما أن الوزير دكتور الجاسر لم يحدثنا عن القرى والهجر والتجمعات السكانية عندما هاجمتها السيول والأمطار وأغرقتها، ولم يحدثنا الوزير الجاسر عن السكان الذين فزعوا ليلا عندما غمرتهم السيول وجرفت منازلهم الواقعة في بطون الأودية وعلى مجاري السيول وفي أطراف الشعاب الهادرة أليس هذا من التخطيط؟
لا أحمل وزير التخطيط المسؤولية ولكن كيف يرضى بهذه الأنماط من التخطيط ولا يحرك ساكنا ولا أيضا يرفع التقارير و(وزارته) تزور كل (10) سنوات تلك القرى المتناثرة, وتزورها سنويا في مسوحات العينة، ألم يأتِ الوقت يا معالي الوزير وتكشف أوراقك لتقول للوزراء والمسؤولين في الدولة آن الأوان لفتح ملف القرى والهجر والتجمعات السكانية كونها تشكل خطرا على السكان في ظل تغيرات الطقس وتوقعات هطول أمطار فيضانية قد تجرف قراهم أو مدنهم الواقعة على مجاري الأودية الكبيرة أو تعزلهم وسط تركيب طبوغرافي معقد و جيولوجي في أعالي الجبال الشاهقة أو المنحدرات (الهارة) أو على أطراف النفود ونهايات الأودية أو أسافل الحافات.
معالي الوزير دكتور الجاسر لست أنت المسؤول عن إنشاء المدن وتأسيس القرى لكنك مسؤول عن تخطيطنا واقتصادنا واستعراضك لمنجزات الآخرين من القطاعات يؤكد أنك راضٍ تمام الرضا عن تخطيط المدن وتوزيع القرى, وحماسك للإنجازات يشعرنا أنك متحدث رسمي عن إنجازات وزراء الخدمات. أنا لا أقلل من تلك الإنجازات بل أعتبرها جبارة وتحدي دولة لظروف الصحراء والمرتفعات الجبلية والهضاب السفحية والحرات لكن ما يهم أيضا الاقتصاد والحفاظ على الأرواح و المال العام، وألا نسلم بالنتائج مجاملة لعفوية وعشوائية التخطيط، بسبب تراكم السنين والقبول بالفرض الاجتماعي وواقع السكان، فالدولة قادرة وبحمد الله على الصرف على مثل هذه الأنماط من الاستيطان والتخطيط الحضري لكنها ومع متغيرات النفط والاقتصاد العالمي قد تتحول تلك الأنماط السكانية إلى عبء وكارثة تخطيطية تجهد كاهل الدولة وتصعب من قدرة الصرف عليها.