براد باور:

يرى الناس بمعظمهم أن إجراءات التشغيل القياسية هي قيود تحدّ من مدى مرونتهم. ولكن في عالم الأعمال الذي يشهد تعقيدات متزايدة، وفي ظل عدد كثير من القرارات التي علينا أن نتّخذها ومن الخطوات التي يفترض أن نخطوها، قد يسمح الاستعمال الذكي لإجراءات التشغيل القياسية بتحرير المؤسسات، ويسهّل في الواقع تصميم التجارب وفقاً لكلّ عميل مقابل تكلفة متدنية.

منذ عشرين عاماً، أكّد صديقاي مايكل تريسي وفريد ويسيرما في مقالة نشراها في "هارفارد بيزنس ريفيو" بعنوان "خصوصية العملاء وسلوكيات القيمة" Customer Intimacy and Other Value Disciplines أن الشركات الرائدة تنجح من خلال تميّزها في إحدى "سلوكيات القيمة الثلاث" - "التميّز في العمليات، وخصوصية العملاء، والقيادة على صعيد المنتجات" - مع بلوغ المقياس الذي يحدده القطاع في السلوكيتين الأخريين. ولكنهما توقعا أن يكون الفائزون المستقبليون بحاجة إلى اتّقان اثنين من سلوكيات القيمة هذه. وأعتقد أن الاستعمال الذكي للمعايير هو من الطرق الضرورية للوصول إلى ذلك.

وانظروا مثلاً إلى "كليفلاند كلينيك"، وهو من بين المستشفيات الأعلى مقاماً في الولايات المتحدة. ويلجأ إلى مقاييس تقضي بضمان اتّساق العمليات ومصداقيتها، إلى جانب تكاليف متدنية - أي بمعنى آخر ضمان الامتياز في العمليات. وفي الوقت ذاته، يستخدم هذه المعايير كجسر عبور يخوّله إنشاء حلول فريدة لكل عميل، بالاستناد إلى فهم عميق لكل من احتياجاته أو احتياجاتها - أي خصوصية العملاء. أما النتيجة، فمزيج قويّ يلبّي اثنين من اقتراحات القيمة المرتبطة بالعملاء في الوقت ذاته.

وأرى عدداً متزايداً من الشركات التي تعتمد على نماذج التشغيل (التي تشمل ثقافة الأعمال، والإجراءات، وأنظمة الإدارة ومنصات الكومبيوتر)، التي تستخدم العمل القياسي لتوجيه الامتياز في العمليات وإنتاج حلول مصممة خصيصاً لكل مستهلك.

ومن الضروري استبدال وجهة النظر التقليدية، التي تفيد بأن الالتزام بالمقاييس هو جزء من نظام إدارة صارم يقوم على "القيادة والتحكّم" بنموذج جديد يقوم على تطبيق ذكي للعمل القياسي يخوّل المؤسسات التمتع بما يكفي من الفعالية والمرونة لتوفير حلول فريدة لكل عميل.