|
توم أغان:
خلال الشهر الماضي، أقدمت شركة النقل الفضائي الناشئة "سبيس إكس" على أنجح إطلاق تجريبي لها بفضل صاروخ "غراس هوبر" الذي أنتجته الشركة، وهو قابل لإعادة الاستعمال بالكامل. وتُعتَبر هذه أحدث خطوة لشركة "سبيس إكس"، في سياق مساعيها الهادفة إلى خفض تكاليف الرحلات الفضائية بصورة جذرية.
في أول مرّة تطلّع فيها إيلون مسك، مؤسس الشركة الناشئة، إلى قطاع الفضاء بجدّية، لم يكن يعرف علامَ يركّز جهوده الابتكارية، بالنظر إلى القيود ومعايير الأداء الإلزامية التي تشملها رحلات الفضاء. ولكن مسك سرعان ما ركّز على المجال الذي بات مستعداً لتقبّل الابتكار: خفض التكاليف.
لقد حاولت وكالة "ناسا" طوال عقود توفير رحلات متدنية التكلفة إلى الفضاء – والواقع أن هذا ما قام عليه الوعد الكامن في مكوكها الفضائي القابل لإعادة الاستعمال. ولسوء الحظ أن التعقيدات في المكوك واعتماده تكنولوجيا سبعينيات الفرن العشرين هي أمور تسببت بارتفاع التكاليف.
وقد تعلّمت الشركة "سبيس إكس" من هذه الأخطاء. وبمساعدة فريق من الأشخاص المخضرمين في القطاع وآخرين من خارجه، باتت تتمتع بتجربة أكبر، ولكنها غير مقيّدة بالقوى التي حثت تكاليف وكالة "ناسا" على الارتفاع. والملفت أن الاستراتيجية المركزية لشركة "سبيس إكس" – وتتمثّل بتحديد هدف كبير، والتعلّم من الماضي، والنظر إلى المشهد الكلي للعثور على الفرص – هي استراتيجية يمكن لأي مؤسسة أن تتبعها لتكون مبدعة في مجال خفض التكاليف.
- فكّر بصورة شاملة: في الشركات الكبرى، تُعتبر مهمة خفض التكاليف تدريجية على الدوام، وتُترك على عاتق قسم المالية، الذي يعمل ضمن مجموعات صغيرة في دائرة أو منطقة محددة. أما "سبيس إكس"، فمختلفة. فهي تبتكر من خلال النظر في نماذج الأعمال بكلّيتها، ولا تكتفي بالأجزاء. وقد أقدمت الشركة على تخفيضات لم تقتصر على تفاصيل الصاروخ بحد ذاته، بل شملت كل ما يحيط به – من تكاليف تشغيلية وخدمات صيانة، إلخ...
- فكر في المستقبل: بهدف ضمان استدامة الأعمال بتكاليف متدنية على المدى الطويل، أقرت "سبيس إكس" بأنه عليها اتخاذ خطوة محفوفة بالمخاطر تقوم على تطوير محرّك جديد كلياً للصاروخ.
هذا هو بالتحديد الوضع الذي تعجز فيه معظم الشركات عن خفض التكاليف. وقد اعتادت الشركات التفكير بطريقة محدودة تقضي بخفض التكاليف في مجال واحد على امتداد سنة أو سنتين. ولكن قصر النظر هذا قد يتسبب بمشاكل على المدى الطويل.
- زيادة الأرباح ليست الهدف الوحيد: يمكن توجيه الأرباح التي تم تحقيقها من خلال توفير التكاليف نحو جهود أكثر إنتاجية، على غرار الخدمات التي تنطوي على أكبر احتمال بتحقيق عائدات في المستقبل. وفي نهاية المطاف، لا تقوم الغاية على خفض التكاليف، بل على إعادة توجيه الاستثمارات.
إنّ الابتكار على صعيد التكاليف – بدلاً من الاكتفاء بخفض بسيط لها – لن يحصل ما لم توسّع المؤسسة نطاق مقاربتها وتنظر إلى المدى الطويل.
(توم أغان شريك إداري وشريك مؤسس لشركة "ريفيا" المتخصصة في الاستشارات حول الابتكار العالمي والعلامات التجارية).