إذا أردت أن تقيس نهضة أمة أو تقدم بلد أو رفاهية شعب فانظر إلى مؤشرات خمسة مجالات حيوية ترتبط بالبنية التحتية للبلد، وتشكل المنظومة الفعلية لتنمية الوطن، وهي (الأمن، والصحة، والسكن، والتعليم، والنقل)، مع مراعاة أن المجالات الأخرى كالثقافة والتوظيف والعمل والإعلام
وغيرها تعتبر مهمة، ولكن دورها مكمل ورافد لسابقتها، لهذا فمتى ما نجحت أية حكومة في تسجيل معدلات عالية في تلك المجالات فتأكد أنها تسير في الطريق الصحيح على درب المدنية، وبالتالي يتحول همها من البناء إلى المحافظة على مكتسبات التنمية ومواجهة التحديات الطارئة، وهي بتقديري المهمة الأصعب لدى المسؤولين والمعنيين بالتنمية، فالوصول إلى القمة سهل ولكن الصعب هو البقاء عليها والاستمرار فيها.
لعل أبرز تلك التحديات الطارئة التي تهدد مكتسباتنا الوطنية وتؤثر سلباً في مسيرة تنميتنا السعودية هي الجرائم الكبرى، التي عادة ما تهدد المجتمعات المفتوحة والبلدان الفاعلة على الساحة الدولية، وكون المملكة العربية السعودية من البلدان المؤثرة اقتصادياً، والفاعلة سياسياً، والمفتوحة لشعوب العالم بحكم وجود الحرمين الشريفين وطلب العمل والبحث عن الرزق، فضلاً عن موقعها الإستراتيجي في قلب العالم العربي، فلقد واجهت وما زالت تواجه تلك الجرائم أو (الثلاثي الخطير)، رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها أجهزتها الأمنية والرقابية والقضائية، وأعني بذلك جرائم (الإرهاب، والمخدرات، والفساد)، فالإرهاب يهدد الوحدة الوطنية ويستهدف نعمة الأمن التي تعد من أعظم النعم بعد الإسلام، والمخدرات تهدد صحة المجتمع وتستهدف شل طاقات شباب الوطن الذين يعتبرون سواعد بنائه الحضاري ومستقبله المشرق -إن شاء الله-، والفساد بكل أنواعه يهدد تنمية الوطن ويدمر أجهزة الدولة من الداخل، لأنه كالسوسة التي تنخر بصمت في الأجهزة والمصالح الحكومية حتى تقضي على مفاصل الدولة وعصب الحياة فيها -لا قدر الله-. وهذا ما استشعرته القيادة الحكيمة لهذه البلاد فكان تأسيس هيئة مكافحة الفساد كي تكشف ملفاته وتقدم الفاسدين إلى العدالة.
أما الإرهاب فليس خافياً على الجميع تلك الملحمة البطولية، التي سطرتها أجهزتنا الأمنية بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، الذي عمل بتوجيهات والده صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز (يرحمه الله)، في ملاحقة الفئة الضالة ودحرها في بــؤرها الإجرامية مع المناصحة وفضح فكرها الدموي وضلال قادتها الذين حاولوا تبرير تلك الجرائم سياسياً وتغطيتها دينياً، وكذلك الحال بالنسبة لآفة المخدرات، حيث يواصــل رجال الأمن البواسل في المنافذ وداخل المدن التصدي لهذه الجريمة العالمية نظراً لخطورتها وتبعاتها السلبية على كل المستويــات. إن هذا الثلاثي الإجرامي الخطير يفرض علينا جميعــاً أن نكــون مواطنين بحق في معاونة أجهزة الدولة في مكافحتها والتصدي لها، فالوطن مركب يشترك فيه الجميع.
moh.alkanaan555@gmail.comتويتر @moh_alkanaan