كان لأهل ثادق والمحمل مواقف مشرفة لمناصرة الدعوة عند انطلاق الدعوة الإصلاحية التي قادها الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب، فأكثر انطلاق الجيوش في توحيد الدولة التي غيرت الموازين كانت من بلدة ثادق، سواء في الدولة السعودية الأولى أو الثانية، فكان منهم القادة والعلماء.
كان زعماء بني خالد مسيطرين على مناطق نجد قبل ظهور الدعوة وأثناءها حتى عام 1196هـ عندما أرسل الإمام عبد العزيز بن محمد ابنه الأمير سعود إلى ثادق لمحاربة سعدون بن عريعر، حيث كان في روضه سدير، فاجتمع إليه رؤساء البلدان وانطلق من ثادق لمحاربة المناوئين، وبعد هذه الأحداث خضعت جميع بلدان سدير للدولة السعودية الأولى، فنعمت المنطقة بعد ذلك باستقرار الأوضاع العامة بعد أن تم للدولة القضاء على المناوئة في المنطقة.
وذكر ابن بشر في أحداث عام 1196هـ ((هذا وسعود بن عبد العزيز وشوكة المسلمين نازلون ببلد ثادق، ومن ساعة رحل سعدون والفشل والرعب وقع في قلوب آل ماضي فقد حل بهم البوار...ثم إن سعود رحل من ثادق ونزل الروضة فاشتد عليهم القتال والمواقعات، واستولى على النخيل..الخ)).
القائد الماجد الشجاع: سليمان بن محمد الماجد
وفي عام 1213هـ سير الإمام عبد العزيز جيشاً إلى الأحساء بقيادة ابنه سعود، وكان من ضمن الجيش أهل ثادق والمحمل، وعندما انتصروا عين القائد الشجاع الماجد سليمان بن محمد بن ماجد أميراً على الأحساء من عام 1213-1219هـ وهو من أهل ثادق، وقاضياً الشيخ محمد بن سلطان العوسجي من أهل ثادق حتى توفي في الأحساء عام 1223هـ.
وذكر ابن بشر في أحداث 1213هـ يقول ابن بشر: ((وفي هذه السنة سير سليمان العراق العساكر الكثيرة من العراق والأكراد والمحمرة سار بهم وزيره علي كيخيا، وسار معه من البوادي عربان المنتفق مع رئيسهم حمود بن ثامر، وعربان آل بعيج، والزقاريط، وآل قشعم، وجميع بوادي العراق، وسار معه أيضاً عربان شمر والظفير، وسار معه أيضاً أهل الزبير وما يليهم، واتفق له قوة هائلة من المدافع والقنابر وآلاتها وآلات الحروب، واجتمع معه جموع كثيرة مما وراء العراق إلى نجد، حتى قيل أن الخيل الذي يعلق عليها ثمانية عشر ألفاً، فسار علي كيخيا المذكور بجميع تلك الجموع وقصد الأحساء، فلما نزل عليه تابعه أهل المبرز والهفوف وقرى الشرق وجميع نواحيه ونقضوا العهد، وامتنع عليه قصر المبرز وحصن الهفوف فزحف بجنوده على قصر المبرز وحاصره من سابع شهر رمضان إلى سبع مضين من ذي القعدة، وهو يحاول هذا الحصن بكل الأسباب من القتال وسوق الأبطال والرمي بالمدافع والقنابر الرمي العظيم الذي هدم غالب الحصن وكاد يفنيه لولا وقاية الله تعالى، وحفروا عليه حفوراً، وملؤوها البارود وثوروها عليهم، وبنوا بنياناً عالياً يرمون به وسط القصر، وعملوا زحافات للجدران وصار خلفها الرجال بالمدافع وهدموا بالمدافع جدرانه وبيوته، وبنوه أهله بنيطان التمر، وعملوا كل الأسباب الموصلة لتحصيل المراد، وأقاموا هذه المدة، كل يوم يجددون لهذا القصر قتالاً وأسباباً، فوقع فيهم الفشل وصار كيدهم إلى تباب، ولم يكن في القصر إلا نحو مائة رجل أكثرهم من بلدان نجد، مع الشجاع الماجد سليمان بن محمد الماجد الناصري ومن أهل بلد ثادق وألقى الله عليه ثباتاً عظيماً هو ومن معه، ولم يعبؤوا بتلك الجنود ولم يعطوا الدنية لعدوهم، فلما طال المقام علم أولئك العساكر والجموع، وبطل كيدهم ووقع في قلوبهم الملل والتخاذل وألقى الله في قلوبهم الرعب، وزلزلوا زلزالاً شديداً، ارتحلوا راجعين وتركوا الأحساء وانهزم معهم أهل الأحساء الخائنون لا يلوي أحد على أحد ولا والد على ولد، وتركوا محالهم وأمتعتهم وأموالهم، وذكر لي أنهم لما طال عليهم حصار هذا القصر تكلموا لسليمان بن ماجد فقالوا له: اصلح معنا واخرج من القصر قبل أن ينزل علينا من العربان كذا ومن العساكر كذا، فقال لهم سليمان: هذا أنتم ملأتم السهل والجبل، فأين ينزلون الذين يأتون؟ إلا إن كنتم كما يقال: «يا ثور أعقب أخاك» ثم أنتم ترحلون وهم ينزلون، فيرون منا -ن شاء الله- مثل ما ترون، فيئسوا منه ووقع فيهم الرعب، فهمُّوا بالرحيل، فلما أراد الكيخيا ومن معه الارتحال جمعوا سلالمهم وزحافات الخشب والجذوع التي أعدوها عن الرصاص لحرف الحفور والجدران، وشيئاً من خيامهم ومتاعهم وطعامهم، وأشعلوا فيه النيران، فلما وصلوا القطار المعروف عند حويرات الأحساء وقد طارت قلوبهم من الرعب وخافوا من سعود وجنود المسلمين، وهم نازلون قريباً منهم في ديرة بني خالد فدفنوا رصاص مدافعهم قال لي رجل ممن سار معهم: إنه في موضعه إلى اليوم وأحرقوا بعض خيامهم ورواياهم، وهذا القصر المحصور هو المسمى صاهود، وقد قال سليمان بن ماجد المذكور في ذلك الحصار قصيدة طويلة ذكر فيها صفة الحصار وما حدث عليهم من كيد العساكر، وما ألقى الله عليهم من الثبات ولو كانت القصيدة على اللفظ العربي لأوردتها)).
وبعد سرد هذه الحادثة المليئة ببطولة وشجاعة الرجال وصبرهم وحكمتهم عند الملمات يتبين معدن الرجال.
وأما القصيدة التي لم يوردها ابن بشر فهي:
الحمد للجبـار مجــري مجــري الأقدار
تسعين ليلة يضرب الطوب باحجار
نحمد الله بارودنا قبل بارودهم ثار
الواحد اللي ماله شبيه يدزادي
لولا ثبات الله رحنا رمادي
نصر من الله بين حاضر وبادي
وفي مؤلف كتاب «كيف كان ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب» وهو لمؤلف مجهول ((فلما أنه ملك الحساء وصارت تحت يده قامت عليه الناس قومة واحدة، وأقام يجاهد بكل شهر ويجهز العساكر، وعمّر بالحساء قصر يسمى صاهود وأقام به أناس لأجل الحرس بالليل والنهار لئلا يداهمه أحد من العدوان». وأما الحساء فأعظمها قريتان اسم واحدة الهفوف وهي الآن مدينة عظيمة وفيها عمارات مزمنة من عمار أهل أول، وعمّر قصراً آخر في مدينة المُبرَّز وأسكن به سليمان بن ماجد وهو من أهالي نجد شديد البأس شجاع... والله أعلم بالصواب)).
ثم ذكر المؤلف: ((في غزوة غزاها سليمان بن ماجد على ناحية نجران وحصرهم في مدينتهم وعمر حصناً قبلهم، وقتل منهم سبعين رجلاً، ولما أراد التوجه إلى أهله وضع في الحصن الذي عمره ثلاثمائة رجل ورجع)).
القائد: محمد العميري
القائد: شديد اللوح
قال ابن بشر في حوادث 1233هـ ((أمر الإمام عبد الله بن سعود محمد العميري وعدة رجال معه من أهل ثادق والمحمل وأمر الجميع أن يسيروا إلى بلد ضرما ويدخلوها ليصيروا عوناً لأهلها ورداءً لهم فساروا إليها ودخلوها)).
وفي حصار الدرعية كان فيها ((وأهل المحمل ورأسهم محمد العميري ومعهم غيرهم وفي رأس جبل ناظره الحجيرة الكبيرة المحطمة بالحجارة وفيها شديد اللوح وهم أهل صفرة البلد المعروفة في المحمل ومع عدد رجال من أهل بلده وأهل الدرعية وغيرهم )). وممن قتل في حصار الدرعية ((ومن أهل بلدة ثادق والمحمل نحو أربعين رجلاً)).
وذكر الشيخ عبد الله بن خميس:((وتحصن شديد اللوح وهم بلدة الصفرة المعروفة في المحمل على رأس ذروة جبل ناظره في حجبرة كبيرة محكمة بالحجارة ومعه رجال من بلده ومن الدرعية وغيرهم، وكان القتال في ذلك الموقع شديداً، وقد صبر هؤلاء المرابطون البواسل صبراً جميلاً ولم ينلهم مكروه، وصار لشديد اللوح شهرةً بسببها)).
الدولة السعودية الثانية
بعد سقوط الدرعية وانتهاء الدولة السعودية الأولى، عمت الفوضى والاضطراب جميع البلدان، حيث كانت الحملة المصرية ترتكب السلب والنهب والقتل واضطهاد الأهالي، من رفع الضرائب تحت سياط التعذيب والقتل، ويصف ذلك ابن بشر في حوادث سنه 1236هـ :((فنزلت العساكر البلدان واستقروا في قصورها وثغورها وضربوا على أهلها ألوفاً من الريالات، كل بلد أربعة آلاف وعشرة آلاف وعشرين ألف ريال. فأخذوا أولا من الناس ما عندهم من الدراهم، ثم أخذوا ما عندهم من الذهب والفضة، وما فوق النساء من الحلي، ثم اخذوا الطعام والسلاح والمواشي والأواني، وحبسوا النساء والرجال والأطفال وعذبوهم بأنواع العذاب، واخذوا جميع ما بأيديهم، فمنهم من مات بالضرب ومنهم من صار منه عائباً... الخ)) ((وفي بلدة ثادق ضرب عبد الله بن علي بن حيدر وعبد الرحمن بن ماجد وماتوا، وضرب غيرهم))
واختل الأمن وصار في كل بلد أمير شاهر سيفه بمحاربة البلدان التي تليه. ذكر ابن بشر في أحداث 1236هـ ((وتعذرت الأسفار بين بلدانه على قربها حتى إن أهل البلد التي تليها مع قرب بعدها من بعض يأخذون عدة أيام وأشهر لا يأتيهم خبر من البلد التي تليها مع قرب بعضها من بعض))
كل هذه الأحداث كانت حافزا للإمام عبد الله بن تركي على العودة إلى ميدان الجهاد لإنقاذ قومه من شر حكم فرض عليهم فأخذ يتنقل من بلدة إلى أخرى حتى عام 1239هـ حين طلب أهل ثادق والمحمل القدوم عليهم لنصرته.
ذكر ابن لعبون في تاريخه أحداث 1239هـ :((وسعى أهل ثادق في جذب تركي هم وأهل محمل إليهم، وركبوا وبايعوه فأقبل في شوال إلىثادق ثم : كاتب أهل سدير وسلموا له))
وذكر ابن بشر في أحداث سنة 1239هـ:((فلما نزل بلد ثادق كتب إلى أهل سدير انه من كان سامعاً مطيعاً فليكن عن الحرب والفتنه ويقبل إلي، فلما ورد عليهم رسوله وكاتبه لم يسعهم إلا المتابعة والسمع والطاعة فركب إليه جميع رؤساء سدير وبايعوه، ثم استنفر الإمام تركي أهل بلدان المحمل فنفروا معه وركب معهم الشيخ العام التقي القاضي : محمد بن مقرن. ثم استنفر أهل المحمل فدخل جلاجل ثم أخضع المجمعة ووفد إليه رئيس الغاط وأهل الزلفى وكاتب أهل الوشم وغيرهم ثم حاصر حريملاء ودخلها عنوة ثم سار بمن معه إلى منفوحة فسلمت له))
وفي عام 1240هـ حاصر الرياض ودارت بينه وبين حامية الترك انتهت بانتصار الإمام تركي ودخوله الرياض.
الشيخ عبدالرحمن بن عزاز :
عينه الإمام فيصل بن تركي إماما وقاضياً ومفتياً للجيوش التي كانت تجاهد , كان آخرها تعيينه إماما للسرية التي أرسلت إلى عمان بقياده سعد بن مطلق المطيري عام 1264هـ في معركة العانكه باسم الموضع الذي حدثت به.
ذكر ابن بشر في حوادث سنه 1264هـ : ((وممن قتل فيها إمام أهل ثادق عبد الرحمن بن عزاز وهو قاضى الغزو وإمامهم))
الأمير سعد بن محمد بن يحي بن سويلم :
تولى إمارة ثادق بعد عودة الإمام فيصل بن تركى من مصر عام 1259هـ واستمر فيها حتى قتل في عنيزه عام 1270هـ.قال بن عيسى ((أرسل الإمام فيصل بن تركى ابنه عبد الله لمحاربة أهل عنيزه , فسار عبد الله بن فيصل بغزو أهل نجد من البادية والحاضرة وقصد القصيم ونزل الوادي في ذي الحجة من السنة المذكورة وقطع جملة من نجل الوادي , فخرج عليه أهل عنيزة فحصل بينه وبينهم وقعه بالوادي قتل فيها سعد بن محمد أمير ثادق وست رجال غيره))