يجيد الكثير من الناس فن البحث عن مبررات تخدم مصلحتهم وتلمع أخطاءهم بغلاف يوحي بالمصداقية وهذه المبررات سواء أكانت مبررات إيجابية أو سلبية وفي غالبيتها مبررات سلبية المهم تحقق الهدف في إقناع الطرف الآخر مع العلم أن هذه المبررات تتغير وتتلون حسب التوجهات الشخصية. أمثلة كثيرة من واقع مجتمعنا وهذه الأمثلة في كافه نواحي الحياة لعلي هنا أذكر مثالين، المثال الأول طالب جامعي حديث التخرج يبحث عن وظيفة كغيره من مئات المتخرجين ينتهي به المقام مع مدير شؤون الموظفين في إحدى الشركات الذي قال له: شركتنا تحتاج خبرة ولغة إنجليزية وهذه غير متوفرة نأسف لعدم قبولك. في اليوم التالي قابل نفس المدير الذي قال: أنت شاب طموح ومتفوق دراسياً وجودك معنا مكسب لشركتنا التي سوف تدربك وتمنحك فرصة تعلم اللغة الإنجليزية بعمق. أليس هذا فن البحث عن مبررات؟
ترى لماذا غيّر مدير شؤون الموظفين رأيه؟ هل هي قناعات شخصية أم ماذا؟ مثال آخر روائي يطمح أن تحول روايته إلى مسلسل تلفزيوني تلقى خطاباً رسمياً من مسؤول القناة الفضائية لعدم صلاحية الرواية كمسلسل تلفزيوني، وبعد يومين طلب منه مسؤول القناة أن يقابله، أبدى مسؤول القناة إعجابه بالرواية وشموليتها واستعد أن تتحمل القناة جميع التكاليف لإنتاج مسلسل اجتماعي يترك بصمة لدى متابعي المسلسل، أليس هذا فن البحث عن مبررات؟
تلفتوا أعزائي القراء وعزيزاتى القارئات من حولكم ستجدون أمثله كثيرة ربما مرّت بكم أو قمتم بتمثيلها في شؤون حياتكم أليس كذلك؟ يقف الإنسان أحياناً صامداً ويبرر موقفه من عمل قام به مع العلم أن هذا العمل وبكل المقاييس عمل غير صحيح وحين تنصحه يقول بأعلى صوته عندي مبررات شخصية! هل هذا الإنسان يعيش بمعزل عن الآخرين أو يعيش في جزيرة نائية وسط المحيط أو أنه يرى ما يراه الآخرون وهناك الكثير للأسف من شاكلته. شخصياً أمقت من يقدم المبررات الواهية التي في مجملها أوهن من بيت العنكبوت ونفتقد ونبتعد عن ثقافة آسف حين نخطئ! لماذا نغير مواقفنا حين تكون صحيحة؟ لماذا نذعن لتلك النداءات الخاطئة من داخلنا؟ لماذا نبحث عن مبررات ونضحك على أنفسنا ونضحك الآخرين علينا؟ لماذا لا نتعلم من أخطائنا ولا نحاول تجميلها بمبررات واهية. حقيقة يضيق صدري وينكسر خاطري حين أجلس مع إنسان يبحث عن مبررات حين يخطئ أو حين يقدم خدمة بصورة غير صحيحة. في النهاية غالبية الناس تجيد فن البحث عن مبررات في شتى شؤون حياتنا اليومية.