Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 11/05/2013 Issue 14835 14835 السبت 01 رجب 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

السوق المالية بمؤسساتها وأدواتها، سوق حساسة جداً للشفافية والأمانة ووضوح القوانين والأنظمة. وكسب الثقة في السوق المالية أمر يحتاج إلى زمن طويل لإثبات شفافيتها ووضوح أنظمتها وصرامة تطبيق قوانينها.

وقضية تصفية شركة المتكاملة كشفت عن قصور ما، أدى إلى تصفية الشركة. والتصفية قرار هو في حد ذاته قرار جيد يبدو أنه إثبات لنية المنظمين للسوق المالية في ضبط السوق بصرامة وحزم. وهذا هو الأمر الإيجابي في قضية تصفية المتكاملة. ولكن الأمر السلبي هو عدم وضوح أسباب التصفية. والأمر الأخطر منه ما رافق أمر التصفية من معطيات سابقة وقرارات لاحقة. هذه المعطيات والقرارات يجب أن توضح ملابساتها وإلا أصبحت السوق المالية عالماًً كهنوتياً لا يدخل فيه إلا مقامر أو مغفل أو كاهن من حراسها. وستُهجر السوق من العقلاء ومن المستثمرين الإيجابيين، مما سيؤثر على اقتصاد البلاد كلها الذي سيعود بسبب ذلك إلى مرحلة التعامل بالكاش والكفلاء الشخصيين.

وسأبدأ بقرار هيئة سوق المال لتصفية الشركة -والمنشور على موقع تداول- وفيه « مع التأكيد على مراعاة أن تكون الأولوية في سداد التزامات الشركة للمكتتبين والمساهمين فيها من غير المؤسسين». وهذا، إما أنه يعني أن هناك فرقاً بين نوعية الأسهم التي يملكها المؤسسون وبين الأسهم التي يملكها غيرهم، كأن تكون أسهم المؤسسيين أسهماً عادية، وأسهم غيرهم نوعاً من الأسهم الممتازة. وإما أنه يعني أن نظام الأسهم وأحقيتها لا اعتبار له عند حاجة التنفيذ. وإما أنه خطأ تعبيري في صياغة الخبر يجب أن يُصحح. ولا أعتقد أن هناك فرقاً في نوعية الأسهم فجميعها أسهم اعتيادية عامة. وصدور القرار بهذه الصيغة يعني أن الأنظمة لا قيمة لها وأنها تنتهك عند أي رأي أو اعتقاد بأن الصواب والمصلحة العامة -التي سُكت عن إيضاحها في القرار- تملي ذلك. وهذا عبث واستهتار بالأنظمة وما يلزم عليها من تبعيات تفقد الثقة بالسوق. فما دام الأمر كذلك فقد تأتي حالة أخرى في المستقبل ويصدر القرار بتصفية شركة ما وبأن تكون الأولوية في السداد بعد الدائنين للملاك المؤسسين دون المكتتبين. أو تُصفى شركة ليس لمؤسسيها ذنب فيطالب المكتتبين بأولويتهم عليها في الأحقية. وقد يقول قائل إن المؤسسين في حالة المتكاملة لم يودعوا أموالاً فلا حق لهم في أسهمهم، أو أنهم أساءوا الإدارة أو أنهم كذا وكذا. وهذا كله مُتفهم - إن كان صحيحاً- إلا أنه بالرغم من ذلك فإنه لا يخول أن يكسر عمود من أعمدة أنظمة الأسهم ارتجالاً، ينشأ عنه فقدان الثقة بالأنظمة السوقية. وكان من الأولى أن يصاغ القرار على نحو معنى أن الأولوية في التصفية للدائنين ثم ملاك الأسهم. وستحتجز المستحقات المالية من أسهم المؤسسين بسبب كذا وكذا توضح لا حقاً، ثم يعاد توزيعها أو بعضها على المكتتبين على ما تقرره لجنة التصفية. وأما الخلط بين قضيتين -قضية توزيع مستحقات الملاك وقضية المؤسسين والضمان البنكي أو غيره- فهذا عبث بالأنظمة وإيهام بهشاشتها.

والأمر الثاني قضية الضمان البنكي. وهذه قضية لها زمن تتردد ولم تظهر إيضاحات حولها. وهذا يفقد الثقة بالنظام البنكي عندنا عموماً. وأنا لا أتطرق لتفاصيل هذا الضمان، ولا أن قبوله من الهيئات المنظمة بدلاً من الإيداع النقدي كان خطأ نظامياً، فهذه قضية أخرى ليست من صلب المقال. فهذا المقال يركز على نقطة أساسية واحدة هي الثقة بالسوق المالية وأنظمته، والبنوك من أهم اللاعبين في هذا السوق. وأنا واثق بأن هذا الضمان به شروط أو ثغرات قانونية منعت مؤسسة النقد من إلزام البنك بدفعه. ولكن عدم الشفافية في إظهار الأسباب يفقد ثقة المتعاملين من منتجين ومستوردين بالضمانات البنكية. ومع غياب الشفافية، فهذا يعني سابقة خطيرة. فإن كان ضماناً بنكياً قد اعتمدته الهيئات التنظيمية لطرح شركة في السوق المالية ثم لا يُنفذ، فهذا يعني إما أن البنوك فوق القانون، وإما أنها وصلت إلى درجة احتيال كبيرة استطاعت به أن تخادع الهيئات التنظيمية البيروقراطية المسئولة عن طرح شركات في السوق المالية، فكيف بمن هو دونهم.

قضية شركة المتكاملة الآن تضع السوق المالية على مفترق طريق، إما نعمة وإما نقمة. إما أنه سيُتجاهل الشفافية فيها ثم تصبح حالتها عرفاً بعد ذلك مما سيفتح باب الفساد والتلاعب في المستقبل وسيجعل سوقنا المالية كسوق الصيرفة الإسلامية بل أسوأ بكثير. وإما أن يُكمل هذا القرار بالتوضيحات اللازمة وتصبح سابقة في الشفافية وقطع الإشاعات والفساد. فالثقافة تبدأ صغيرة ثم تنتشر وتتعاظم حتى تصبح عرفاً هداماً مُعضلاً.

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem

المسكوت عنه
تصفية المتكاملة إما نعمة وإما نقمة
د. حمزة بن محمد السالم

د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفجوال الجزيرةالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة