إن من الأمور التي تتفاخر بها الأمم المتطورة المعاصرة، وتتباهى بها: مسألة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن ابتلاهم الله -تعالى- ببعض الأمور التي تحد من قدراتهم الكاملة على القيام بما يستطيعه الأصحاء؛ لأن العناية بهذه الفئة المهمة في المجتمع، ورعايتها، وإعطائها كامل حقوقها يدل على مدى الوعي، والرقي الأخلاقي للدولة والمجتمع. وقد ضرب الإسلام في هذا المجال أعظم المثل، فقد اعتنى الإسلام أعظم عناية بذوي الاحتياجات الخاصة، فأوجب على أهليهم، وذويهم رعايتهم، والعناية بهم، ورتب على ذلك الأجر العظيم، والثواب الجزيل، فإن لم يستطع ذووهم ذلك انتقل هذا الواجب إلى الدولة، فيجب عليها أن ترعى هؤلاء، وتتيح لهم كل فرص التعليم، والتكوين، وأن تهيئ كل وسائل المساعدة للقيام بواجبهم الديني، والوطني، والعلمي، فإن كثيراً من ذوي الاحتياجات الخاصة، هم من العلماء والنوابغ، ويكفي للتدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم -رضي الله عنه- على المدينة المنورة ثلاث عشرة مرة، مع أنه كان رجلاً أعمى.
وقد حرصت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة على زيادة العناية بذوي الاحتياجات الخاصة، وكان من أوجه تلكم العناية والرعاية: أنها بدأت تخصص مواقف خاصة لذوي الاحتياجات، وممرات مصممة لعرباتهم في مختلف الأماكن التي يرتادونه، لقضاء أغراضهم، وإنجاز معاملاتهم، كالدوائر الحكومية المختلفة، والمساجد، والجوامع، والمستشفيات، والأسواق حتى يتمكنوا من إنجاز أعمالهم بيسر وسهولة.
ولا شك أن مثل هذه الجهود لا يمكن أن تؤتي ثمارها، على النحو المطلوب إلا بتعاون المواطنين، والمقيمين، وتفاهمهم، واهتمامهم، ومبادرتهم إلى مد يد العون، والمساعدة لهذه الفئة الغالية، إلا أن ما نشاهده بالعيان من بعض المواطنين، وتنشره الصحف على صفحاتها، من انتهاك سافر لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، والسطو على الأماكن المخصصة لوقوفهم، وتعد على المرافق المعدة لهم، وإيقاف سياراتهم فيها، بل وصل الأمر إلى إغلاق الممرات الخاصة بهم دون وازع من دين، أو رادع من ضمير، مما يدل على أن كثيراً من الناس يحتاجون إلى توعية وتبصير بأمور اجتماعية كثيرة، كاحترام الذوق العام، ومراعاة حقوق الآخرين، وغير ذلك.
وبهذه المناسبة فإني أناشد المسؤولين في إدارة المرور أن يكونوا حازمين جداً في تطبيق النظام على الذين يخالفون القوانين والأنظمة التي حددت مواقع خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، بإيقاع غرامات رادعة عليهم؛ لأن كثيراً من الناس لا يفهم إلا هذه اللغة.
alomari1420@yahoo.com