|
شقراء - خاص بـ (الجزيرة):
أرجع عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء عضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب الدكتور نهار بن عبدالرحمن العتيبي حرمان المرأة من ميراثها الشرعي في بعض المجتمعات الإسلامية إلى عدد من الأسباب منها: طمع الأقارب في ميراث المرأة، والتأخر في تقسيم التركة، التقاليد والعادات القبلية الجاهلية، اعتقاد البعض أن المرأة لا تحسن التصرف في مالها، ودعوى ضياع أموال الأسرة.
جاء ذلك في حديث لفضيلته لـ»الجزيرة» عن ميراث المرأة وما تعانيه من مشاق ومعاناة حتى تحصل عليه بل في أحيان كثيرة تحرم منه بحجة تلك المزاعم، مستهلاً حديثه بالقول: إن المتأمل في أحوال المرأة في كثير من المجتمعات الإسلامية يجد أن هناك اضطهاداً لبعض النساء في تلك المجتمعات وحرمان لهن من حقوقهن التي فرضها الله تعالى لهن في الميراث، فلقد حدد الله تعالى ميراث النساء في كتابه الكريم وتولى القسمة سبحانه مما لا يجعل لأحد عذراً بعدم العدل فالله تعالى هو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين فجعل للأم السدس إن كان له أولاد والثلث إن لم يكن للميت أولاد فقال سبحانه: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا}، وجعل للبنت النصف إن كانت لوحدها، ونصف حظ الولد أو الاشتراك في الثلث إن كنّ اثنتين فأكثر إن كان للميت أبناء ذكور فقال سبحانه: { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ?وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}، كما حدد الله سبحانه وتعالى نصيب الأخوات والزوجات، وحدد نصيب الجدة والأخوات لأم وبنات الأخ وغيرهن من النساء الوارثات بأنصبة محددة لا تزيد ولا تنقص، وهو ملك لهن لا ينازعهن فيه أحد، لكن وللأسف الشديد هناك من يأكل ميراث النساء ولا يعطيهن حقوقهن، والمرأة قد لا تعرف مالها من الميراث فتستغل من بعض الطامعين الذين لا يخافون الله عز وجل.
وشرح فضيلته بعضاً من أسباب ضياع ميراث النساء ووسائل علاجها وحلها ومنها: طمع الأقارب في ميراث المرأة وهذا الطمع إما لعدم علم المرأة بنصيبها، وإما لضعفها وحاجتها للرجل، فإذا طالبت بحقها حصل لها من اللوم والتعنيف والمعاملة السيئة ما لاتريده فازداد شقائها شقاء وازداد همها هماً، ولعلاج هذا الظلم الواقع على المرأة لابد من تضافر الجهود لأن هذه المسؤولية مسؤولية مجتمعية، وهذا سيستلزم تدخل وزارة الشئون الاجتماعية لأنها هي الممثل الأساسي لكل ما يخص المجتمع, ومن خلالها يتم حصر الأرامل والأيتام، ويسنّ نظام لمعرفة المتوفين ومن يرثهم وهل استلم الورثة مالهم أم لم يستلموا؟.. ويمكن التنسيق والتعاون مع كتابات العدل في هذا والأمر فقط يحتاج لتنظيم ومتابعة.
والسبب الثاني، التأخر في تقسيم التركة وهذا يحدث كثيراً، وقد يكون ذلك التأخير إما بسبب تهاون الورثة،أو بسبب تشعب تركة الميت وكثرة أملاكه وتفرقها في أماكن مختلفة، وبالتالي لا تعرف المرأة كم نصيبها وربما تأخر حصولها على نصيبها سنوات عديدة. ويمكن علاج هذا السبب بالمبادرة بتوزيع التركة وعدم التأخر، وأما التركة المتفرقة فيوزع كل ما يتم معرفته مباشرة، ثم إذا تم معرفة أموال جديدة توزع مباشرة وهكذا حتى يتم انهاء جميع ما للميت ويحصل كل وريث على ما يستحقه من تركة الميت بما في ذلك النساء، ومن الأسباب التقاليد والعادات القبلية الجاهلية، واعتقاد البعض أن المرأة لا تحسن التصرف في مالها، وادعاؤه أنه يحافظ على مصلحتها وهنا تكمن مشكلة عدم استفادتها من مالها الذي تكون في أمس الحاجة إليه وربما ضياع ميراثها فيما بعد خاصة عندما لا يهتم الولي على المال بالكتابة وتحديد ما للمرأة من مال وأين يوجد هذا المال، ويمكن علاج هذا السبب بإخبار المرأة الوريثة بمقدار مالها من مال وإعطائها ما تحتاجه واستئذانها في المتاجرة بما بقي من المال بعد تحديده فإن أذنت فيتم إخبارها الأرباح والخسائر وما يشترطه ذلك الولي من أجمل المتاجرة لها في هذا المال.
واستطرد قائلاً: ودعوى ضياع أموال الأسرة إذا كانت الزوجة من خارج تلك الأسرة أو العائلة فتحرم مالها من ميراث زوجها بحجة أنها أجنبية من العائلة أو الأسرة فتكون الزوجة من دولة أخرى أو قبيلة أو عائلة أخرى، ولعلاج هذه السبب فلابد من رقابة مجتمعية من الوزارات المعنية والجهات الحقوقية والرقابية التي يمكن أن تلجأ هذه المرأة لها لكي تعينها في الحصول على حقها أو بيان كيفية حصولها على ذلك الحق من الجهات القضائية فإن كثيراً من النساء لكي تحصل على حقها فإنها تحتاج إلى من يساعدها حتى تعرف الإجراءات التي يمكن من خلالها معرفة كيفية المطالبة لدى المحاكم.
وخلص عضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب إلى القول: وبناء على ما سبق فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يحرم النساء من ميراثهنّ الشرعي الذي حدده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويجب على ذوي الشأن كل في موقعه أن يأخذ للنساء حقوقهنّ ممن ظلمهنّ وحرمهنّ من الميراث فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وقد توعد الله تبارك وتعالى الظالم بالانتقام منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.. ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}).. والواجب كذلك على الرجال سواء كانوا إخواناً أو أعماماً أو أبناء أن يعطوا النساء حقوقهن وألا يظلموهن بأكل حقهن في الميراث طاعة لله تعالى ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-.