|
الجزيرة - يحيى القبعة:
شدد محللون ماليون على أن الأثر الذي سيحدثه قرار هيئة السوق المالية بإلزام الشركات بتطبيق الحوكمة الداخلية، سيكون واضحا من خلال رفع مستوى الشفافية والكفاءة والحد من تلاعب الشركات، وبالتالي تعزيز ثقة المستثمرين والمساهمين. كما أفادوا بأن 97% تقريبا من الشركات المدرجة في السوق تعمل بقواعد الحوكمة. وقال المحلل المالي فارس حمودة: إن لائحة حوكمة الشركات تبين القواعد والمعايير المنظمة لإدارة الشركات المساهمة المدرجة في السوق، والتي تضمن حماية أكبر لحقوق المساهمين. وبالتأكيد فإن تلك الحماية والعمل لأجل مصلحة المساهمين بالدرجة الأولى، يعني ضبط أداء الشركة. مضيفا أن بنود اللائحة من خلال تصنيفها الحالي (حقوق المساهمين والجمعية العامة - الإفصاح والشفافية - مجلس الإدارة) تعد من أهم مقومات نجاح أعمال الشركات.
وأشار حمودة إلى أن معظم الشركات التي تعثرت أو واجهت صعوبات في أدائها كان لديها خلل في عملية الرقابة على الإجراءات والسياسات الخاصة بحوكمة الشركات. وقد عمدت هيئة السوق المالية على تطبيق الشركة بشكل تدريجي منذ إقرار اللوائح في 2006 وكان آخرها إلزام الشركات بوضع نظام حوكمة خاص بالشركة تتلاءم مع لوائح حوكمة الشركات الصادرة من الهيئة، ووضع سياسات ومعايير إجراءات واضحة ومحددة للعضوية في مجلس الإدارة.
وعن التفاصيل التي وردت في لائحة حوكمة الشركات، قال إنها أوردت بشكل واضح ودقيق بعض الأمور المتعلقة بانعقاد الجمعيات العمومية وتنظيم مصالح المساهمين وأصحاب المصالح وحقوق التصويت، بالإضافة إلى إلزام الشركات بوضع أنظمة رقابية تضمن الإفصاح والشفافية والالتزام بما نصت عليه اللوائح. مستنتجا أن هذا سيحد بشكل كبير من أي عملية تلاعب أو حتى وقوع أخطاء بدون قصد. ولفت المحلل المالي إلى أن الهيئة لا يتوقف دورها فقط في وضح اللوائح والتنظيمات، بل يمتد دورها في عملية الرقابة المستمرة على الشركات ومدى التزامها بتلك اللوائح، وإيقاع المخالفات والغرامات على الشركات غير الملتزمة وما يعكس مدى جدية الهيئة في تطبيق لوائح الحوكة بشكل فعال وعادل.
وأضاف حمودة: المستثمر أو المساهم من خلال لائحة حوكمة الشركات هو أحد الأطراف الذي له دور في عملية الرقابة على الشركة من خلال ممارسته للحقوق النظامية، وأية إخلال من قبل الشركة بأحد تلك اللوائح فإن دور المساهم هو تنبيه الشركة لذلك والمطالبة بحقوقه بحسب تعبيره. مطالبا بأن يكون المساهم على إطلاع على اللوائح الصادرة من قبل الهيئة بهذا الشأن. وأردف أن أبسط تلك الحقوق حضور الجمعيات العمومية وحق التصويت وحق المساهم في أرباح الأسهم إلى أن تصل إلى حق المساهم في مراقبة أعمال مجلس الإدارة ورفع دعوى المسؤولية على أعضاء المجلس، وحق الاستفسار وطلب المعلومات. ويرى أنه في حال قام المساهم بالمطالبة بتلك الحقوق فإن الشركات ستسعى بالالتزام بشكل أكبر بالسياسات الخاصة بحماية حقوق المساهمين، وبالتالي تحسن أداء الشركة.
واعتبر حمودة أنه من ناحية وجود اللائحة وإقرارها بشكل إلزامي فهي غير مرتبطة بشكل مباشر بفتح الاستثمار الأجنبي المباشر، كون تلك اللوائح تحمي بالدرجة الأولى المساهمين والمستثمرين بغض النظر عن طبيعة المساهم، مستدركا أن جعل لوائح الحوكمة ملزمة على الشركات المدرجة، سيعزز من ثقة المستثمرين الأجانب في السوق. وأضاف أن أكبر الإشكاليات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية الموجهة لأي بلد هي العوائق وعدم وجود أنظمة ولوائح تنظيمية واضحة ومطبقة بشكل كامل. وعليه فإن المرحلة التي قامت بالإعداد لها هيئة السوق المالية من حيث التدرج بإلزامية لوائح الحوكمة سهل على الشركات تطبيقها، وبالتالي سيشعر المستثمر المحلي أو الأجنبي بأن درجة الأمان في الاستثمار بهذا السوق أعلى وتسهل تدفق الاستثمارات بشكل أسرع. من جهته، ذكر الخبير المالي محمد الضحيان أن هيئة السوق المالية اتجهت إلى إلزام الشركات المدرجة في السوق بتطبيق قواعد الحوكمة الداخلية، بعد أن كانت الشركات تطبقها اختياريا عبر العضوية، والملكية، والصلاحيات، والقرارات وغيرها. كما أوضح الضحيان أن 97 في المائة من الشركات المدرجة تطبق الحوكمة الداخلية وهي الشركات التي لها تأثيرها وحضورها القوي في السوق. معتبرا أن الشركات الصغيرة الحاضرة بأقل قيمتها لن يجدي نفعا من تطبيقها للحوكمة. واستبعد الخبير المالي أن يكون لإلزام الهيئة الشركات بتطبيق هذا القرار الأخير، علاقة بقرب فتح الاستثمار الأجنبي من الخارج مباشرة. وقال مدير الأبحاث والمشورة بشركة البلاد للاستثمار تركي فدعق أن تطبيق الحوكمة للشركات المدرجة في السوق سيعزز من كفاءتها التشغيلية، كما يقلل من نسبة المخاطر الداخلية للشركات، وكذلك يحمي حقوق المساهمين والمستثمرين ويعزز ثقتهم في إدارات الشركات، ورفع مستوى العمل المؤسسي والشفافية في الإفصاح ودعم الكيان القانوني والتنظيمي للمشاركين في السُّوق المالية. كما يعد إحدى الآليات المهمة التي تقيس مدى انتظام السُّوق وبالتالي تطويرها ا وزيادة جاذبية الأوراق الماليَّة المتداولة فيها. ولفت فدعق إلى أن المستثمرين بعد هذا القرار، سيكون لهم دورا ذات فعالية أكثر من الوقت السابق، نتيجة ارتفاع مستوى الثقة، كما قال إنه ليس بالضرورة أن يكون هذا القرار مؤشرا لفتح المجل للمستثمرين الأجانب من الخارج.