من أجمل وأسعد الأيام التي مرت علي هو ذلك اليوم الذي اتجهنا فيه لزيارة قصر والدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره بعد انتهائنا من اللقاء الوطني التاسع للحوار الفكري، والذي كان موضوعه عن “الإعلام السعودي الواقع وسبل التطوير” وكان ذلك في شهر ربيع الأول لعام 1433. وأعتبره فعلاً ربيعاً عندما دخل علينا الملك ببساطته وعفويته التي تعهدونها جميعكم في الصالة المخصصة للنساء، وهو يتجه لنا بقلب الأب الحنون وصدره الرحب بالرغم وقتها من حالته الصحية ومسؤولياته العظيمة إلا أنه سألنا جميعاً عن أسمائنا ومكانتنا الوظيفية ودورنا كمسؤولات من جهات مختلفة شاركنا في لقاء الحوار الوطني، ولم يعارض على أخذ اللقطات التذكارية مع الوفد. والروعة في اللقاء أنه تلقائي في حديثه، وعفوي في حواره، وسريع في تجاوبه مع كثير من التساؤلات والمطالب التي ناقشناها مع والدنا الذي تحدث بكل عفويته المعهودة عن أهمية الحوار في الأسرة وأثره على العلاقات بين أفرادها، وعن أهمية التعامل الطيب من الآباء مع أبنائهم ، ولم ينس أن يبدي فخره وإعجابه ببناته المواطنات وهن يعتلين أعلى المناصب في عصره الذهبي لكل امرأة سعودية تهتم بمواطنتها والحفاظ عليها. حتى جاءت إجاباته عن بعض الاستفسارات من الأخوات الزائرات معنا، تلقائية وتحمل بعداً لم ندركه حينها، كمثال سؤالهن عن أهمية وجود المرأة في مجلس الشورى لدورها في المشاركة الاجتماعية لصناعة القرار للقضايا التي تهمّ الأسرة عامة والمرأة خاصة، وعن دورها أيضاً في الدخول للمجلس البلدي، وعن قيادة المرأة للسيارة، فكانت إجاباته عفوية ومُطمئنة خاصة عندما قال “اصبروا علينا شوي”! هذه النصيحة العظيمة من أب قائد لبناته المواطنات مهمة جداً في ظل المتغيرات التي يشهدها مجتمعنا وخاصة بالنسبة لفتح المجال للمرأة السعودية أن تكون شريكة في البناء والهمّ الوطني وفي صناعة القرار فيما يخدم مكانتها كامرأة مسلمة قبل كل شيء ! و تلك الزيارة التاريخية بالرغم من قصرها وبساطتها في قصر قائد مملكتنا تحضرني الآن بذكراها الطيبة والعزيزة على قلبي وذلك بمناسبة احتفالنا بالبيعة الثامنة لوالدنا الغالي سلمه الله لنا جميعاً، والذي حقق لبناته المواطنات الكثير من الاستقرار النفسي والأمن الاجتماعي من خلال ثقته التي منحها لهن بدخولهن مجلس الشورى كمشاركات في القرار خاصة أن الكثير من مواطنات هذا البلد ينتظرن ثمار هذه اشراكة الشورية التي تفتخر بها النساء السعوديات.
والدنا الغالي: أنت تطلب من بناتك المواطنات الصبر ثم الصبر، وذلك لحكمتك وسياستك وعظمة درايتك بأهمية الصبر والتأجيل لبعض القرارات التي تعالج قضايا المرأة خاصة لأنك خبير بمن يؤيدها وبمن يعارضها، ولماذا؟! والصبر هنا علاج ومفتاح لمشكلات وعقبات كثيرة وخاصة فيما يتعلق بالجوانب الحساسة التي تخص المجتمع.
بلا شك أنها نصيحة أبوية عظيمة لا تستحق منا إلا الامتثال لها بالطاعة والتقبل لأنها من قائد عظيم يستحق الولاء والشكر والدعاء له بالصحة والعافية في مثل هذه الذكرى الوطنية الغالية على قلوبنا جميعاً.
وكل عام وقائدنا ومملكتنا بخير وأمان ووحدة متكاملة لخدمة الإسلام والمسلمين.
moudyahrani@ تويتر