|
الجزيرة - محمد آل داهم:
كشف لـ(الجزيرة) محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبد اللطيف العثمان، أن الهيئة تعمل حالياً وبالتشاور والتنسيق الكامل مع الجهات ذات العلاقة على الخروج برؤية استثمارية موحدة والاتفاق على خارطة شاملة تربط بين أهداف إستراتيجيات وبرامج تلك الجهات والتي تستهدف توطين الاستثمار ورفع نسبة المحتوى ودعمها بمنظومة متكاملة من التشريعات والحوافز.
وأكد العثمان، أن المملكة مهيأة أكثر من أي وقت مضى في توظيف إمكاناتها الاقتصادية وإيراداتها المالية لتحقيق مزيد من التنوع الاقتصادي الذي ما زال دون طموحات ولاة الأمر والانتقال من مرحلة الإنفاق على المشاريع واستيراد التقنية والمهارات اللازمة لتنمية هذا القطاع أو ذاك إلى مرحلة أكثر تقدماً تستهدف بناء المشاريع مع تفعيل النشاط الاقتصادي والاستثماري في كل قطاع حيوي، خصوصاً في ظل حجم ما تنفقه الدولة - رعاها الله - على العقود واستيراد مواد ومنتجات أساسية بسخاء ونمو مطرد بشكل عام، إلى جانب أن هذا الإنفاق موجه إلى قطاعات حيوية كالرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم والتدريب والنقل والاتصالات والخدمات البلدية، كذلك ما نمتلكه في المملكة من تجارب وخبرات متراكمة وقصص نجاح اقتصادية متعددة حققناها في العقود الماضية.
لافتاً إلى أن تحقيق ذلك يتم عن طريق تبني سياسات وتشريعات تساهم في تحقيق الاستغلال الأمثل للإنفاق الحكومي في توطين الصناعة ورفع المستوى المحلي ونقل التقنية وتأسيس كيانات وطنية كبيرة في مجال تقديم الخدمات الهندسية والاستشارية وتنفيذ عقود البناء والتشغيل.
وعن أهم المعوقات التي قد تحول دون وجود تكامل وتنسيق مشترك بين الجهات المعنية من أجل تفعيل دور الاستثمار في تنويع مصادر الدخل وغيرها من أهداف وطنية، قال العثمان: إن تحقيق الأهداف التنموية المستدامة وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد لا شك يتطلب توحيد كافة الجهود والمبادرات التي أطلقت في السنوات الأخيرة وفي إطار خارطة استثمارية موحدة مبنية على التنسيق والتشاور بين مختلف الجهات ذات العلاقة، مشدداً على أهمية المواءمة بين إستراتيجيات وبرامج ومبادرات تستهدف توطين الاستثمار ورفع نسبة المحتوى المحلي تقوم حالياً بتنفيذها جهات مثل وزارة التجارة والصناعة، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، مدينة الملك عبد الله للطاقة، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وزارة الصحة، وزارة المياة والكهرباء، المؤسسة العامة لتحلية المياه، «أرامكو»، «سابك»، شركة الكهرباء، القوات المسلحة السعودية، «معادن»، هيئة الاستثمار، ومدينة وعد الشمال، والخروج برؤية استثمارية موحدة والاتفاق على خارطة استثمارية شاملة تربط بين أهداف تلك البرامج والخطط ودعمها بمنظومة متكاملة من التشريعات والحوافز وهو ما تعمل عليه الهيئة حالياً بالتشاور والتنسيق الكامل مع الجهات ذات العلاقة.
وأضاف محافظ الهيئة العامة للاستثمار: ما لمسناه في الهيئة حتى الآن من عدة أطراف (من خلال الاجتماعات التي عقدت مع عدة جهات حول هذا الموضوع) يبشر بالخير ويبعث التفاؤل حقيقة، فهناك توافق في الرؤى بين المسؤولين في جهات حكومية مختلفة وكذلك القطاع الخاص بأهمية ربط الاستثمارات ونفقات الدولة الاستثمارية بالمردود الأساس ألا وهو خلق الوظائف ونقل التقنية وتنمية الصناعة وغيرها من القطاعات الأخرى التي تسهم في تنويع مصادر الدخل بشكل عام.
وتابع: فلدينا في المملكة خيارات ونقاط قوة كثيرة لتنمية عدد من القطاعات الواعدة، فإلى جانب القدرة والملاءة المالية للقطاع الخاص، هناك نفقات الدولة الاستثمارية والتشغيلية التي تُعتبر بكل المقاييس عالية وبالذات في تشييد البنى التحتية والمنشآت المدنية والصناعية إلا أن مستوى المنتج المحلي فيها لا يزال متواضعاً، وهي تمثّل فرصاً استثمارية ثمينة لاستغلال نفقات الدولة من أجل تشجيع الصناعات المحلية، إضافة إلى تفعيل الأنشطة الاقتصادية في عدة قطاعات من خلال إيجاد شركات وطنية رائدة تتحول لاحقاً إلى شركة مساهمة في مجالات متنوعة، بما يتماشى مع خطط الدولة بالانتقال التدريجي من اقتصاد يعتمد على إنتاج النفط الخام والصناعات المرتبطة به إلى الاستثمار في القطاعات الواعدة والنهوض بها على أسس اقتصادية واستثمارية صحيحة.
وحول مشاركته في «ندوة توطين الخبرات الهندسية في المشاريع التنموية» التي عقدت مؤخراً في الرياض، علّق العثمان قائلاً إن المشاركة تنبع من الأهمية الكبيرة التي تكتسبها هذه الندوة لعدة اعتبارات فهي تناقش المرتكزات الرئيسة التي تساهم في توطين قطاع مهم وحيوي ألا وهو قطاع البناء والتشييد لما يوفره هذا القطاع من وظائف وفرص عمل نوعية وملائمة للقوى العاملة الوطنية سواء الهندسية منها أو حتى الفنية التي تعتمد على التقنيات المتطورة، كما أنها تأتي في وقت تشهد فيه المملكة حركة تنموية كبيرة وإنفاقاً سخياً على مشاريع التنمية بشكل عام، كذلك ما يشهده سوق العمل من تطورات تضعنا جميعاً كقطاع حكومي وخاص أمام فرصة جيدة لمراجعة أنظمتنا وتشريعاتنا ورصد أهم الدروس المستفادة من تجربة الطفرة الأولى التي مرت بها المملكة وتحديد أهم معوقات توطين قطاع البناء والتشييد بالمملكة سواء على مستوى بناء الكوادر ودعمها أو في مجال تأسيس كيانات وطنية كبرى قادرة على مواكبة مشاريع التنمية بالمملكة.