|
فهد عبدالعزيز الكليب:
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ملك تبنى سياسة الإصلاح والبناء المتسارع، وانتهج سبيل التقدم بالبلاد، إذ يقول في إحدى كلماته: (لا نستطيع الجمود في عالم متغير)، وهو صوت التقدم والتطور والبناء في عصرنا الحديث، فارس محبّ للخير ورجل الوفاء والصدق، سمته التواضع الجمّ، وديدنه التسامح الجميل والعفو القادر، والإقبال الحاني، والإصغاء اليقظ، والحديث القريب من القلب، واللقاء الحميم مع مواطنيه وأبناء شعبه.. إنه ملك الشفافية والبساطة والمباشرة والوضوح والنزاهة المطلقة. وقد أجمع كل من عرفه أو التقى به أو اقترب من سيرته ومسيرته ومنذ وقت مبكر، والصورة هي الصورة، والإنسان هو الإنسان، والشخصية هي الشخصية الباهرة في حياة الفارس عبدالله بن عبدالعزيز، ذلك المواطن قبل الأمير، والإنسان قبل الملك، يوجز في سيرته ومسيرته غرس الانتماء الوطني الصادق في كل مضامينه منذ نشأته الأولى وتشربه من تربية والده الملك المؤسس الباني الذي لازمه ورافقه منذ سنيّ حياته العملية الأولى ليكون من سيستلم قيادة بلاده بعد وفاة الملك المؤسس بنحو خمسين عاماً، شهدت المملكة أثناءها قفزات هائلة وإنجازات مهولة في مضمار البناء التنموي والحضاري غير المسبوق في تاريخ المملكة الحديث والمعاصر، إنها قصة أغرب من الخيال، إذ تعد في عمر الزمن القصير مرحلة استثنائية في عمر الوطن والزمن معاً؟!!
وهي مرحلة جديرة بالتأمل والقراءة لما تزخر به من مرتكزات ودلالات وإنجازات وحضور لافت.. وإذا كنا نحتفي اليوم بمرور ثمانية أعوام على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - سدة الحكم، ومنذ اليوم الأول من توليه مقاليد الحكم في 26-6-1426هـ 2005م بدأت قصة تبناها عبدالله بن عبدالعزيز، ترجمتها خبرات الأيام والسنين، اتكاءً على الحب الصادق والطاهر الذي يحمله ويكنه لمواطنيه، وهم يبادلونه ذلك الحب العارم، مما كوَّن له شعبية جارفة من الحب والابتهاج واللحمة والتكاتف والإكبار..
وكم من المواقف والصور المتجلية التي أبهرت العالم بأسره بذلك الالتحام العفوي بين الملك عبدالله وأفراد شعبه، وفي هذا الإطار تتكرر الصورة، وكلنا يعرف جولاته التفقدية في الأسواق وتبسطه مع الناس، والسؤال عن الأسعار، وممازحة الأطفال، وتذوق الأطعمة، والنزول الدائم حيث يكون المواطن.. وهو الذي اخترق البرتكول وغيَّر مسار رحلته من باريس - الرياض - إلى مطار منطقة جازان، ليقف بنفسه على أحوال مواطنيه في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة ويطمئن على أوضاعهم بعد انتشار مرض حمى الوادي المتصدع في عام 1421هـ - 2000م.
وقد صدر في عهده - حفظه الله - العديد من القرارات والمبادرات الخيرة التي تهدف جميعها إلى خدمة الوطن والارتقاء بالأحوال المعيشية للمواطن وتخفيف المعاناة عنه. ولعل الجولات التفقدية التي قام بها لمناطق المملكة وما واكبها من قرارات ومبادرات ومشاريع ضخمة تعكس بواقعية وصدق الفكر والسلوك التنموي لخادم الحرمين الشريفين. ومن هذا المنطلق جاء تطبيق هذا السلوك وهذه الرؤية التنموية على وجه العموم في تنمية الإنسان أولاً استثماراً، ووضع الخطط الطموحة في تنمية كل مرافق الدولة ومناطقها ومحافظاتها ومراكزها.. بدءاً من الاقتصاد ثم القضاء فالتعليم، ونشر ثقافة تأصيل الحوار الوطني بين سائر فئات المجتمع، وبذلك أطلق العنان للرأي والفكر والعقل السعودي لكي يظهر ويرى ويبدع. كما أنه من الصعب حصر الإنجازات التنموية التي تحققت خلال تلك الحقبة الزمنية القصيرة، من إنشاء المدن الصناعية، إلى مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للإسكان التنموي، إلى إنشاء الجامعات، إلى صندوق معالجة الفقر، إلى إصلاحات عملاقة شملت القطاعات كافة، والمواطن في فكر الملك الصالح حتى في مرضه وهو في البنج عندما سأل عن المواطن الذي هو دائماً في فكره وقلبه وعينه؟!!
إن سادس ملوك آل سعود من حيث الترتيب ومن حيث المشاركة في التأسيس، وهو صاحب النقلة الثالثة في تاريخ المملكة العربية السعودية.
والفكر والسلوك التنموي للملك عبدالله يرتكز على ثلاث ركائز مرحلية تنامت طوال فترات حياته، استطاع من خلالها استلهام الخبرة والدراية، ومعرفة أصول الحكم وفنون الإدارة، والدراية بشؤون الدولة وتصريف الأمور، فاستلهم معاني الحب قبل الزعامة، واستوحى أصول الفروسية والرجولة الفائقة بالمكارم قبل أصول الحكم والقيادة، واكتسب فن القيادة بالمشاعر التي كونت سلوكه، وصبغت حياته بالصراحة والوضوح والصدق والمباشرة في كره التملق والنفاق والمداجاة..
الركيزة الأولى
لتلك العلاقة الباهرة والمتميزة بينه وبين مواطنيه برزت ومنذ وقت مبكر حتى قبل تسنمه للمناصب القيادية في الدولة، إذ عُرف بأنه ابن الصحراء والإيثار والفروسية، مما كوَّن له محبة صادقة، وولاءً والتفافاً وقبولاً ازداد مع الأيام متانة وقوة.. ومع المواقف التي نثرها شعبيةً وترابطاً بين الأمير وعامة الناس. وتلك حقيقة بارزة تفيض مزيداً من الإجلال والوقار، والحب لكريزما شخصية الملك عبدالله الفذة.
الركيزة الثانية
من تنامي السلوك التنموي عندما عين -أمد الله في عمره- رئيساً للحرس الوطني في 10-9-1382هـ 4-2 -1962م، في عهد الملك سعود -رحمه الله- واستمر في عهد إخوانه الملوك فيصل وخالد وفهد- رحمهم الله جميعاً- وكان هذا التعيين تطلعاً إلى فتح آفاق جديدة نحو مسؤولية واعية في بناء الحرس الوطني، وقد عمل الملك منذ أن تولى رئاسة الحرس الوطني على استثمار مزايا رجال الحرس الوطني من الأصالة العربية وحب الصحراء والفروسية والمراس على القتال الصعب، فكانت ركيزة ثبات ورسو في حضور لافت لبناء مؤسسة حضارية ثقافية عسكرية كبرى قربته كثيراً من الناس.
الركيزة الثالثة
تعد رعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمواطنيه وحمله هموم شعبه على الدوام.. من المسؤوليات التي أنيطت به كملك للبلاد، والتي تنطلق أيضاً من أبعاد إنسانية غُرست في شخصه منذ نشأته، وشكلت جزءاً من سيرته، لذا حرص على توظيف ثروات الوطن لكل ما فيه خير ورفاهية مواطنيه، لذا بدأ المنجز الماثل واقعاً اعتدناه من بشائر تكاد لا تنتهي كلها تصب في رفاه المواطن.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين ومتعه بالصحة والعافية وأمد في عمره وبارك في عقبه.