خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود هو سادس ملوك المملكة العربية السعودية الحديثة أسسها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه- يطل علينا تاريخ تولي الملك عبدالله مقاليد الحكم في 26-6-1426هـ للعام الثامن أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية.

فقد بدأ عهده الزاهر بأن تحسنت أسعار البترول وعاد دخل المملكة يتنامى حتى

أصدر حفظه الله والحريص كل الحرص على حقوق الآخرين أمره بأن يتم سداد الدين العام الخارجي ثم الداخلي مما أكسب المملكة احترام وتقدير الدول الاقتصادية الكبرى والتي سعت لكسب ود المملكة وضمها لمجموعة العشرين والذين يمثلون أقوى اقتصاد على مستوى العالم.

تأثير الملك على الاقتصاد: سارع الملك يحفظه الله لإنشاء 23 مدينة صناعية -اقتصادية في طول البلاد وعرضها ومنها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية- مركز الملك عبدالله المالي شمال مدينة الرياض والذي يعتبر أكبر مركز مالي في الدول العربية إضافةً إلى المدينة العلمية في طيبة الطيبة على ساكنها أفضل الصلوات والتسليم.. كذلك ستنشأ مدن صناعية - اقتصادية في كل من نجران، جازان، عرعر الباحة، الجوف، القصيم وحائل.. وعلى سبيل المثال لا الحصر.. ومشروعات للبنية التحتية لهذه المدن الاقتصادية والتي ستربطها شبكة من سكك الحديد المتطورة .. لاسيما وأنه سيستفاد من كنوز الأرض في هذه المناطق مثل الفوسفات والجولكسايت في شمال المملكة والألمونيوم في جازان، الفواكه والمحاصيل الزراعية من نجران - تبوك والجوف.. وبهذا يسعى أبو متعب حبيب الشعب إلى أن يستقل اقتصادنا السعودي عن الاعتماد على مصدر واحد للدخل ألا وهو النفط فقط بل يهدف حفظه الله إلى:

أ‌- تنويع مصادر الدخل للفرد السعودي.

ب‌- الحفاظ على كنوز الأرض حتى يستفيد منها الأجيال السعودية القادمة.

ولم يمض العام الثاني من العهد الزاهر بعيداً حتى بادر يحفظه الله إلى إصدار قرار هيئة البيعة الذي صدر في 28 من شهر رمضان المبارك لعام 1427هـ والذي على ضوئه تم تعديل فقرة من النظام الأساسي للحكم مع إصدار اللائحة التنفيذية لهيئة البيعة بالصيغة النهائية.

وفي العام ذاته أصدر رعاه الله أوامره السامية الكريمة بعدما تلمس تحفه عناية المولى بأن الدولة قد تحتاج إلى أربعين سنة لتصل إلى اكتفاء ذاتي من الكفاءات الوطنية لذلك سارع يحفظه الله بإنشاء عدة جامعات بلغت في مجملها ما بين جامعة حكومية وخاصة قرابة 32 جامعة وكلية ومعهد.. إضافةً إلى ذلك وجّه بزيادة أعداد المبتعثين والمبتعثات في الخارج والتوسع في برامج الابتعاث إجمالياً 120.000 طالب وطالبة.. وكأن مليكي يقول: إن خير من يبني المملكة هي سواعد أبنائها المؤهلين بالدرجات العلمية والشهادات المتخصصة.. ومن المثال نفتخر بأن نرى في ربوع بلادنا أحد أهم معاقل العلم والبحث العلمي ممثلةً في أحد أهم الجامعات العالمية والتي يتوق علماء العالم إلى الالتحاق بها.. ألا وهي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في شمال مدينة جدة.. ولقد كنت في معية دولة مستشارة ألمانيا الدكتورة أنجيلا ميركل حينما زارت هذا الصرح العلمي المتميز عام 2007م حيث أعجبت كثيراً بهذا المستوى المميز العالمي وتحدثنا كثيراً عن مستوى هذه الجامعة المميز بعد عودتها إلى بلادها.

بعدما أنجز يحفظه الله ما كان يسعى ويحلم بتحقيقه: إعادة العافية للاقتصاد السعودي وإنشاء جامعة علمية عالمية ركّز رعاه الله على بذل الغالي والنفيس في خدمة الحرمين الشريفين فقد أعلن في عهده المبارك عن أكبر توسعة للحرمين الشريفين في الجزء الشمالي من الحرم المكي الشريف ومن ثم توالت توسعة المسعى وتوسعة الطواف حول الكعبة المشرفة.. ولقد شاهدت عن كثب حرصه يحفظه الله على سلامة ضيوف الرحمن وكان يتابع شخصياً وباهتمام بالغ مشروع جسر الجمرات وإلى حين استكماله.. مما ساهم كثيراً في القضاء على الحوادث التي كانت تحدث من قبل على جسر الجمرات القديم.. وها هو مليكنا المفدى يتصدى لمعضلة أخرى في سعيه رعاه الله على راحة وصحة وحياة حجاج بيت الله الحرام.. حيث كان يؤرقه حريق يوم التروية لعام 1417هـ ولم يرتاح له بال وأخذ ينقب ويجادل ويبذل الجهد والوقت والمال الوفير في سبيل إنشاء مدينة متكاملة من الخيام غير القابلة للاشتعال في منى مما أدى إلى عدم حدوث أي حرائق تذكر وأصبح الحجاج يؤدون فرائضهم في أمنٍ وأمان فارتاح أبو متعب وأخذ يبحث عن صعاب أخرى تواجه ضيوف الرحمن.. فسارع إلى توسعة المشاعر المقدسة في عرفات ومزدلفة ومنى كما أعلن رعاه الله عن أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي الشريف.

لقد كان لزيارته يحفظه الله إلى بابا روما خير دليل على شفافية الإسلام والتسامح الذي ننادي به.. فها هو خادم الحرمين الشريفين وملك المملكة العربية السعودية: مهبط الوحي يتجشم عناء السفر ويتجه إلى الفاتيكان لكي يثبت دون أي شك بأن المسلم دينه تسامح وتعاون مما كان له الأثر الكبير في نفوس الألمان.

وعلى الصعيد العالمي دعم خادم الحرمين الشريفين موقع المملكة على الخريطة السياسية العالمية حيث دعا حفظه الله إلى مؤتمر «حوار الأديان» الذي كان أول انطلاقة له من رحاب البيت العتيق أثناء المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، وتلاه اجتماع ما بين علماء الدين في أوروبا وعلماء مسلمين خلال انعقاد المؤتمر العالمي للحوار في العاصمة الإسبانية مدريد وتحت رعاية كل من خادم الحرمين الشريفين والملك خوان كارلوس ملك إسبانيا.. ولم يكتف حفظه الله بذلك بل تم عقد مؤتمر دولي لحوار الأديان في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وقد رأيت إعجاب المسؤولين الألمان بهذه الشخصية الفذة التي كان آخرها في الاجتماع الذي أقيم في العاصمة برلين لتوزيع جائزة الملك عبدالله للترجمة ولم يكتف بهذا الحد بل أنشأ مركزاً دائماً لحوار الأديان في العاصمة النمساوية فينا، وقد دشن في عام 2012م تحت مسمى مركز الملك عبدالله لحوار الأديان، وكأنه يثبت للعالم بأسره نحن أمة التسامح وأمة الوسطية امتثالاً لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) البقرة - 143.

وعلى الصعيد الإقليمي فلقد أثبت للقاصي قبل الداني أن المملكة دعاة سلام وخير دليل على ذلك مبادرته يحفظه الله التي تبنتها جامعة الدول العربية في اجتماعها الذي عقد في بيروت عام 2002 م وسميت بعدها بالمبادرة العربية والتي وضحت نوايا اسرائيل العدوانية.

كما دعا حفظه الله إلى تحول دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، هذه الدعوة التي تحسب لمقامه الكريم إيماناً منه لحاجة المواطن الخليجي إلى مثل هذا الاتحاد وحفاظاً على المنجزات التي ساهم بها المجلس منذ تأسيسه.

لقد أسر حفظه الله بكلماته قلوب مواطنيه حين أجاب قائلاً (أنا بخير طالما أنتم بخير) فأي مليك هذا فلقد شعر كل مواطن بهذا الحنان المتدفق من ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله ويرعاه.

مليكنا المفدى لازال الكثير والكثير الذي كتبه التاريخ لكم ولم تسعه السطور وتخطه يدي، فأنتم.. من ضربتم بطريق المستحيل وحققتم للشعب السعودي الظل الظليل من منجزات تنموية سجلت بماء العين

وأنتم.. من سيشهد لكم التاريخ على مر الأزمان بأنكم من كفل اليتيم ابن شهيد الواجب، وأنتم.. من أمر بمشاركة المرأة بثلث أعضاء مجلس الشورى وأنتم.. من أصبحتم كالطود عن قضايا أمتنا الإسلامية والقضايا العربية.

ودمتم سيدي ذخراً للعطاء للمواطنين،،،