|
الجزيرة - علي القحطاني:
يرى عدد من المتخصصين في المجال العقاري أن كثيرا من الدراسات التي صدرت مؤخرا تقول أن المملكة تحتاج سنويا إلى 200 ألف وحدة سكنية وهذا يتطلب الاستعانة بشركات قوية قادرة على إنجاز هذه المشاريع وفق أعلى المعايير وأحدث المواصفات بعد أن تصاعدت الإشكاليات بين وزارة الإسكان والمقاولين الذين يعملون مع الوزارة من حيث التأخير وعدم التقيد بالمواصفات، مطالبين بالاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في البناء من حيث الجودة العالية والتكلفة المعقولة وهي معادلة حققتها الكثير من الشركات في مشاريعها التي تعمل عليها، إذ إن السوق العقاري يحتاج إلى حوالي 120 مليار ريال سنويا لتشييد وحدات سكنية لحل الأزمة الإسكانية والتي تعاني منها أغلب المدن الكبرى.
وبينوا أن قضية توفير مساكن للمواطنين باتت تشغل مكانة متقدمة على قائمة التحديات الوطنية، باعتبار المملكة دولة قارية المساحة ذات نمو سكاني متسارع بنسبة تقدر بنحو 2.5 في المائة سنويا، ويتوقع أن يصل عدد سكانها إلى حوالي 30 مليون نسمة بحلول عام 2020، ولا يمتلك نحو 65 في المائة من مواطنيها مساكنهم، ويقل معدل دخل 60 في المائة من الموظفين عن 8 آلاف ريال شهريا، ويشكل المواطنون دون سن 40 عاما نحو 80 في المائة من السكان السعوديين، وقد يصل حجم العجز في المنازل فيها إلى مليون مسكن خلال العام القادم 2013، وينتظر نحو 2.3 مليون مواطن دورهم للحصول على قروض صندوق التنمية العقاري، في حين أدى ارتفاع أسعار الأراضي والوحدات السكنية إلى زيادة نسبة المواطنين الذين يسكنون في بيوت مستأجرة.
ووصفوا الأوامر التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين بالشاملة والناجعة لحل المشكلة التي أرقت غالبية الأسر السعودية لسنوات طويلة، مشيرا إلى أن هذا ليس بمستغرب على الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- الذي عود الجميع على الاهتمام بمعاناتهم والسعي إلى وضع حلول جذرية لها. مشيرا إلى أن التحدي الكبير يرتبط بسرعة الإنجاز والتعاقد مع شركات قوية ذات تجارب ناجحة في هذا النوع الضخم من المشاريع مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى سواء في التنفيذ أو التمويل. من جهته قال حمد بن علي الشويعر عضو مجلس إدارة ورئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض إن الإشكالية قد تتمثل في تسليم المواطنين الأراضي والقروض، لاسيما وأن البعض منهم لا يملكون الخبرة لبناء الوحدات السكنية الجيدة لهم، كما أن الدراسات تشير إلى أن البناء يكون بشكل عشوائي من قبل البعض، مؤكداً على ضرورة استحداث جهة حكومية أو وكالة في وزارة الإسكان يكون اختصاصها الإشراف وإرشاد المواطن المقترض بالتوجه للمقاولين الأكفاء حتى لا تخسر الدولة القرض والأرض بسكن غير مناسب.
وذكر الشويعر أن الطلب على السكن في المملكة يزداد سنويا، حيث بينت الدراسات أن الطلب على السكن يصل إلى 200 ألف وحدة سكنية، مما يتطلب الإسراع في تنفيذ إستراتيجية الإسكان والتي سترفع من نسبة تملك المواطنين للمساكن، مشيرا إلى إن القرارات جاءت في صالح المواطن لحل أزمة الإسكان، وإعادة الاستقرار إلى السوق العقارية وينعش أسواق التطوير العقاري ويحل أزمة المساكن.
بدوره قال العقاري سلمان بن عبد الله بن سعيدان إن ملف الإسكان بما يمثله من ثقل وتشعبات ومساس بحياة حوالي 65 في المائة من المواطنين السعوديين كان من أبرز الملفات التي تولاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسعى إلى وضع الحلول الجذرية من أجل الإسراع في حل هذه المشكلة والتي تعاني منها أغلب المدن الكبرى في المملكة فقد كانت بداية المبادرة في إنشاء الهيئة العامة للإسكان كخطوة أولى، بعد ذلك تم تكليف هذه الهيئة بالإشراف على مشاريع الإسكان الشعبي وجميع الأراضي المخصصة لها والمشاريع الموجهة لهذا القطاع بعدها تم تحويلها إلى وزارة ودعمها 250 مليار ريال من أجل بناء 500 ألف وحدة سكنية مع أعداد الكثير من الدراسات لوضع استراتيجيات عامة للإسكان في السعودية، للتعرف على أبعاد هذه المشكلة وإيجاد الحلول لها من أجل الإسراع في إيجاد الحلول الأزمة، وحيث أن بناء 500 ألف وحدة سكنية يعادل ما تم بناؤه بقروض عقارية من صندوق التنمية العقارية منذ إنشائه حتى الآن، هذا وقد كشفت وزارة الشؤون البلدية القروية أنه قبل الأمر الملكي والذي صدرت مؤخرا من حيث تسليم جميع الأراضي الحكومية المُعدة للسكن بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح البلدية سالفة الذكر، التي لم يتم استكمال إيصال جميع الخدمات وباقي البنى التحتية إليها، فإنها قد خصصت قبل ذلك أكثر من 238 موقعاً في جميع مناطق المملكة لوزارة الإسكان لإقامة المشاريع السكنية بمساحة إجمالية تزيد على 169 مليون متر مربع، مع مراعاة الكثافة السكانية في كل منطقة واحتياجاتها من الوحدات السكنية.
وأكدت وزارة الشؤون البلدية والقروية أن مساحات الأراضي التي تم تخصيصها لوزارة الإسكان تفوق الاحتياج الذي حددته خطة التنمية التاسعة والتي تنص على استهداف «12» مليون وحدة سكنية، حيث إن هذه المساحات تكفي لبناء ما يزيد على 200 ألف وحدة سكنية من نمط « الفيلات» أو أكثر من 600 ألف وحدة من نمط الشقق السكنية.
وتختلف الإحصاءات حول حصول المواطنين على مساكن فبينما تقدر مصلحة الإحصاءات العامة عدد الأسر التي تسكن بالإيجار بنحو 935 ألف أسرة يبلغ عدد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة، تشير بعض الدراسات إلى أن بين 65 في المائة و70 في المائة من السكان يقطنون بالإيجار. وفيما كان عدد سكان الرياض عام 1394هـ 650 ألف نسمة، تضاعف العدد إلى 500 في المائة وأصبح في عام 1427هـ 3.5 مليون، أي أن حجم الزيادة العددية المضافة لسكان مدينة الرياض أصبحت أكثر من 2.8 مليون نسمة، بينما كان تعداد سكان مكة المكرمة 1.7 مليون نسمة، لكنه تضاعف 350 في المائة في عام 1427هـ، وأصبح 5.7 مليون نسمة، وهذه الهجرة التي شهدها المجتمع السعودي، والتي اتصفت بالعشوائية وعدم التنظيم خلال الثلاثين عاما الماضية، أحدثت كثيرا من التغيرات والضغوط النفسية، مما أظهر مؤشرات الفقر والبطالة في منطقة جغرافية معينة، حيث كانت الخدمات مخصصة لعدد محدود، مما تسبب في وجود الفقر الحضري، وهذه المتغيرات أثرت في الأبنية الاجتماعية في المجتمع، مما أدى إلى انعكاس لتحولات سلوكية مختلفة، سواء أكانت اجتماعية أو نفسية أو اقتصادية، تسهم في التأثير بشكل مباشر وغير مباشر على سلوكيات الناس وأفكارهم وشخصياتهم وتطور أنساق المجتمع المختلفة. وأكدت الدراسات أن الهجرة إلى المدن الرئيسة في المملكة تمت بصورة واسعة وبحجم كبير بين عامي 1394 - 1413هـ، فيما كانت الهجرة في السابق مقتصرة على عدد قليل، بحيث تمركز السكان في مدن معينة مثل مدينة الرياض وجدة ومكة، فبقياس نسبة سكان كل مدينة لإجمالي سكان منطقتها يتضح وجود تباين كبير بين مناطق المملكة في درجة تركز السكان في مراكزها، فمدينة الرياض استقطبت وحدها 72.39 في المائة من سكان منطقتها عام 1413هـ، وترتفع درجة تركز السكان إلى أكثر من 50 في المائة في أغلب المدن، حتى أصبحت مدينة مكة المكرمة تشكل ثالث أكبر تجمع سكاني في البلاد. ومن جهة أشار عدد من المواطنين إلى أن مشكلة الإسكان في المملكة كانت متوقعة منذ سنوات ، فلو رجعنا إلى الدراسات التي تظهر بين الحين والآخر من قبل وزارة الشئون البلدية وأمانات المناطق نجد أن الأراضي البيضاء تزداد لعدم وجود القرارات التي تحتم على ملاكها استثمارها أو دفع رسوم بشكل سنوي أو زكاة من أجل حل المشكلة الإسكانية والتي تعاني منها أغلب المدن السعودية. وذكروا أن خير دليل على زيادة الأراضي البيضاء موجوة في الرياض حيث تتجاوز فيه الأراضي البيضاء حوالي 75 في المائة مما يعني أن المستغل لا يتجاوز 25 في المائة، كما أن عدد الوحدات السكنية في المملكة العربية السعودية لم تتجاوز 4.5 مليون وحدة، وعدد السكان 29 مليون 60 في المائة منهم في عمر الـ 24 عاما وأقل والخطة الخمسية الحالية تتطلب إنشاء مليون وحدة خلال أربع سنوات.