المقيمُ ليس كالعابرِ..
***
زهرةٌ في الغصنِ، لا تنافسُ الشجرةَ في البقاء..!
***
نتفق على أن ثقافة المراسلة في معمعمة ما تغير، أيضا تغيرت، أصابها ما أصاب ثقافة التعامل الفوري، والتواصل السريع، بل التعبير المكثف،..
فسمات العلاقة بين الناس تغيرت، استبدلت بالسريع، والإلكتروني، والوساط.. وبدأت تفقد عنصر الثقة في بقائها..
فتلك الإضبارات المعبأة برسائل القراء متى أراد الكاتب أن يقلبها، ويستعيد إبحارا فيها، ووقوفا على شواطئها، وعنَّ له الغوص في شؤونهم، يجدها تطل عليه بحروفهم، وحالاتهم، وأصوات أنينهم، أو فرحهم، تلك أصبحت مطوية في وارد، أو صادر، غير ملموس، ولا قريب، مخفية ، عرضة للفقد بنسيان رمز، أو تقادم شرط، أو تأخر حضور،..
كما أنها تحتاج إلى كل ما يحتاج إليه التعامل الخاطف، والشاشة الصغيرة، ومفاتيح الإذن، وآليات الشبكات، و قيود الإتفاقات،..!!
كذلك جعلت العلاقة غير ثنائية بين الكاتب..وقارئه..
فهناك أرضية، واتفاقية، ومنافذ يطل عليهما منها المَنفذ، والمستضيف، وأصحابهما.. وإن كانت خفية، غير مرئية إلا أن كل من يتعامل مع هذه التقنية التواصلية، يعلم أنه يسلم كل نقرة حرف منه، وإليه لمن يشاركهما فيها..
ولأن للقارئ همومه، وله احتياجاته، يفضي بها ثقة في كاتبه، يبحث لها عنده رأيا، وربما حلا، وربما يمنحه مادة لفكرة، أو قضية لإبحار، فإن تلك الرسائل بزخم أحبارها، وقلق حروفها، وشحوب،أو ازدهار أوراقها قد غدت كلها متشابهة لا سمات تميزها، ولا صفات تخصها، بهت فيها رونق الحضور الملموس..، وعبق الأحبار..!
يسألونني لماذا أصر على وضع البريد الورقي «التقليدي» كما يقولون..؟ ولم أستبدله ببريد إلكتروني..؟
ثمة زخم للورق، وإحساس بالحضور، وثقة في البقاء تهيمن على الذائقة في حقيقة الأمر..لكل ما أريد له البقاء، ..ولا أتمنى له الفناء..
فلا يزال يحمل لي الكتاب، والبرقية، والبرامج، والجداول، والبحوث، والدوريات، والدعوات، والوثائق، ورسائل الموقنين مثلي حتى الآن في المساحات كلها، وفي الورق..،
ذلك الذي لا تستيقظ يوما فتجده قد تفلت منك لأي خلل في الطريق..!!
تحياتي للأعزاء: د.ف الخيال، د.محمد الأمين الخرطوم، د.فاتن مصطفى، د. ع. السقاف الكويت، فاطمة الغامدي، بدر المعجل، سامي الصواف، الشاعر الملهم، تولين الحربي، وفاء الطيار، سارة الجابري اليمن، الباحثة تونس، مركز العلم الحديث»وفاء» القاهرة، والمهندس بدر الصالح.
وصلتني رسائلكم كما الغيث..
أعتز بما جاء فيها من مناقشة، وإصرار على أن نكون معا..،
وإجابة عن السؤال من بعضكم، جاء هذا المقال اليوم معكم، ..
على أنني أتفق مع من اتفق معي.. وأنتظر تواصلكم الدائم..
وللأخت «سامية « من الكويت: رسالتك لا تحمل غير طلبك أن أشير لك هنا بوصولها..وهانذا أفعل..
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855