الناس في بلادي تحب المطر ولا تخافه, تنطلق من قناعات إيمانية وترجو الله أن يكون المطر سقيا رحمة لا سقيا عذاب.
خلال الأسبوع الماضي كنت على اتصال بأصدقاء من المطريين نسبة إلى المطر ومن أحبوا ماء السماء، الصديق د. محمد القويز يحب الدوادمي بكل تفاصيلها ويحب تاريخها كواحدة من أقدم المستوطنات في الجزيرة العربية يحب هضابها وأوديتها اليابسة وسمرة جبالها ويحبها عندما تكون ماطرة ويعشق بطحائها الممطورة، الدوادمي مركز يتوازن داخله د. القويز ويجد نفسه في تلك الأراضي العطشى والعامرة بالتاريخ ووجوه الناس الطيبين. عندما حادثته قال: أنا لي عادة سنوية في مثل هذا الشهر (الابريلي) ابريل اخذ إجازة أسبوع وأسميتها إجازة المطر.
الصديق الثاني الأستاذ محمد الراشد الذي غاص حنيناً في حب الغاط عشق الرمل نفود عريق البلدان ونفود الثويرات وحافات طويق وهي تغوص في الثويرات، محمد الراشد أحب وادي سدير وأودية الغاط, يابسة كانت أو ممطورة، أحب الغاط في ماضيها الطيني والحي القديم الذي عمره الأجداد على نهايات السفح الجبلي, وأحب الغاط في وهده وانحناءات جبال طويق، وأحب مستقبلة على أعالي تلال حافة طويق الشاهقة، وعندما سألته عن المطر تدفق مثل شلالات الغاط يحكي بلا توقف.
الصديق الثالث الأستاذ عبدالله العنيزان وهذا أحب جغرافية بلادنا من حدنا الجنوبي بكل وأوديته المنحدرة حتى قوس النفود الكبير شمال بلادنا، أحب الأرض والناس والمطر، عندما حادثته وهو في رحلة عملية إلى العلا شمال غرب المملكة قال بصوت يملؤه الفرح والخوف: نحن في العلا وقد تقطعت بنا السبل والأسباب فالسماء انفطرت والأمطار (تهمل هميل) والأرض أصبحت أخاديد بفعل الأمطار لكننا نحمد الله سالمين وغانمين بهذه الأمطار والرحلة العملية الناجحة بإذن الله، ولأن حنينه لمدينة الرس بالقصيم ولا يخفى هذه المشاعر أضاف: أبشرك وادي الرمة عبر الرس هذا اليوم ويتجه شرقاً إلى البدائع والخبراء ورياض الخبراء قالها بفخر ونهم وولع حبا للرس وللوادي العظيم الذي يسقي بإذن الله الآبار ويشبع المزارع والناس وأزاهير وشجيرات الرس.
أما الصديق الرابع الأستاذ عبدالله الشيبان فهذا له حكاية أخرى أحب بريدة بلا محددات يسميها قلب القصيم النابض وزينة المدائن هاتفني وهو يقول أنا وجموع من أهل القصيم أقمنا فوق أعالي رمال الغميس (الغماس) على طول الطريق في عنيزة والبدائع والخبراء وبريدة وعلى الجسور نستقبل وادي الرمة العظيم الذي حمل الماء بحمد الله من أعالي حائل والمدينة المنورة وعفيف بالرياض ليحط في رمال بريدة وينتهي في (بوة) الأسياح في الرمال القبابية والطولية لنفود الثويرات. عبدالله الشيبان لا يخفي مشاعره تجاه الرمال والنفود وبريدة والناس وفرح الربيع.
الناس في بلادي تحركها رائحة المطر وماء المزن والسحب البيضاء والأودية عندما يبللها المطر, وتتحول الجبال إلى شلالات موسمية، الناس لها محبة عميقة للمطر والشعاب و(المناقع) التي يكونها المطر، والشكر لله الذي أنعم علينا الاستقرار والأمان والضيف الأبيض من المطر.