أعلن رئيس الاتحاد السعودي الأستاذ أحمد عيد سحب الترشح السعودي قبل قليل وبذلك ينتهي الفصل الأول من كتاب «السعوديون قادمون» والقادم أفضل وأقوى... هكذا غرَّد مرشحنا المنسحب الدكتور حافظ المدلج.. ليزف لنا نبأ انسحابه!!.
من سوء الحظ أن هذا الكتاب ولد بعد نهاية معرض الكتاب الدَّوْلي بالرياض وإلا كان الأكثر مبيعًا.. كيف لا يكون كذلك وهو غير كل نظريات الانتخابات السابقة حتَّى مصطلحات اللُّغة العربيَّة طالتها بالتصحيح.. سامح الله إمام العربيَّة وشيخ النحاة «سيبويه» وهو يضحك علينا كل هذه القرون بتعريف مصطلح «توافقي» الجذر: وفق - المجال: صفات: مُتَنَاغِم، مُتَنَاسِب.
وحتى لا يزعل «الرَّجل الكبير» كلمة «توافقي» معناها في كتاب «السعوديون قادمون» هي أن تكون مع مرشح ضد المرشح الآخر تحت غطاء مرشح الوطن ولا يحق لكائن من كائن أن يشكك في هذا المعنى؟!.
مقدمة الكتاب كتبها رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد عيد، جاء في تفاصيلها: جاء اليوم لكي نصدر تجربتنا السعوديَّة الناجحة حتَّى نحافظ على آسيا، فنحن الدَّوْلة الأقوى والأكثر تأثيرًا رياضيًّا بقارتنا حتَّى أصبحت أنديتنا المحليَّة تلعب مبارياتها في أرض إيران ولا يجرؤُ كائن من كان أن يقترب منها وجميع الأندية السعوديَّة تمتلك منشآت وملاعب لا مثيل لها ولا يعيش اتحادنا في جلباب أحد فهو «مستقل» وليس هناك للأمير نواف بن فيصل أيّ سلطة في قراراتنا.. وفي المناسبات الرياضيَّة يكون مكان جلوسي بجوار راعي المباراة مباشرة وهناك من يساعدني في مناولة الميداليات والكأس.. حتَّى ماديًّا عندنا فائض في الميزانية وليس هناك معاناة من أيّ ديون.. حقًا نعلنها من هنا أن السعوديين قادمون.. فالانسحاب من الترشح معناه القوة.. الصمود.. التأثير..!!.
وفي هذا الكتاب لم يبخل الدكتور حافظ المدلج في سرد تجربته الناجحة في الانتخابات الآسيوية مدعمًا ذلك بالصُّور لخرائط مدينة أبوظبي وميترو دبي ودليل هاتف وعناوين المطاعم في دولة الإمارات!!.
حافظ المدلج وهو «توافقي» يقفز عليك كل نصف ساعة من شاشة برنامج أو صحيفة أو تغريدة أيش كان بيسوي لو كان مرشح «رئيس» كان قفز مع «فيلكس» من الفضاء... مسكين إبراهيم الفريان مظلوم أنّه يحب الفلاشات؟!.
من سوء حظ حافظ المدلج أن «سبيس تون» Space Toon قناة الأطفال ولدت من رحم قناة «البحرين» الحكوميَّة.. راحت عليك يا حافظ بطولة المسلسل الخليجي «افتح يا سمسم أبوابك نحن الأطفال»؟!.
قبل شهر كتبت هنا في هذه المساحة مقالاً بعنوان: «المدلج» صفقة ملعوب علينا!!.. لم يكن حينها أيّ شك بأن طريقة الترشيح وغموضه لا تتناسب مع مرحلة الإصلاح الحالية في رياضتنا التي تحتاج للشفافية والوضوح مع أنفسنا قبل الآخرين.
من زج بنا في صراع الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة ويوسف السركال على كرسي الرئيس الآسيوي.. هو أول من تنصل عن المسؤولية وقال: لا علاقة لنا؟!.
أقحمت السعوديَّة نفسها بيدها في معركة انتخابية لا ناقة لنا فيها ولا جمل.. وخسرنا الكثير من الأصدقاء الأقوياء.. وكسبنا الضعفاء.. ألم يكن لمصلحتنا أن الوسط الرياضي الخليجي والعربي والآسيوي «مخدوع» فينا.. كان الجميع قبل هذه الانتخابات يؤمن أن السعوديَّة لها الثقل الرياضي في محيطها؟!
شربنا «المقلب» وانخدعنا في أنفسنا وقلنا بصوت عال: حافظ المدلج لها « توافقي»... وهذا ما حدث لا البحرين الدَّوْلة التي يربطنا بها جسر من الحبِّ ولا الإمارات الدَّوْلة التي تربطنا بها حدود من الأخوة.. لا أحد يريد أن يتنازل للمرشح السعودي؟؟!!.
شوهنا علاقتنا بالآخرين في المعركة الانتخابية وخسرنا رهان المستقبل الآسيوي ومن يحاول أن يقنع الوسط الرياضي المحلي بأن مرشحنا «توافقي» كانت وسائل إعلام أخرى خليجيَّة تُؤكِّد أن المرشح السعودي «تأزمي»؟؟!!.
حافظ المدلج لبس ثوب غيره وهو يغرِّد بين فترة وأخرى حول الشيخ أحمد الفهد بأن الراحل الأمير فيصل بن فهد كان وراء تنصيبه في المناصب الآسيوية.. ما هذا؟ ما الذي يحدث ومن يشير لك يا حافظ حتَّى «تمن» بما يفعله وطنك.. إلا تدرك أن هذا التعاطي ليس من سياسة بلدنا قيادة وحكومة وشعبًا.. فوطننا ينثر بذور الحب حتَّى ينعم الآخرون بها دون أن نتفاخر أو نتباهى بما فعلنا.. ومن يستشهد بالأموات لا قيمة لما يدعيه حتَّى لو كان حقيقة؟!.
شئنا أم أبينا الشيخ أحمد الفهد هو «عراب» الانتخابات الآسيوية وهو الأكثر تأثيرًا في ظلِّ شبكة علاقاته الواسعة من وراء ستار مع العديد من الشخصيات.. تعاطي مرشحنا المنسحب «المدلج» مع شخصيَّة بهذا الحجم بصورة غير لائقة كفيلة بتوتر علاقتنا مع «عراب» المرحلة وهذا الفتور سوف يدفع ضريبته أيّ مرشح سعودي في المستقبل لرئاسة الاتحاد الآسيوي؟!.
كما كان المشهد مؤلمًا والسعوديَّة تعلن ضعفها وفشلها في «التوافق» ومرشحنا يقدم خط اب «الانسحاب»...هذا المشهد شخَّص حالتنا الرياضيَّة المترهلة بعدم التَّخْطِيط وحجم ضعفها الإداري وهشاشة علاقتها مع الآخرين.. أيّ مشهد هذا و»بطل» الماضي أصبح «كومبارس» اليوم لا قيمة له؟!.
أقوى دول العالِمَ لا تجازف بتاريخها في خوض معارك هناك نسبة ضئيلة في خسارتها.. فماذا نقول عن عقلية تدير رياضتنا تعلم أن مرشحنا سوف يخسر أو ينسحب بنسبة 100 في المئة؟!.
نحن في الداخل نعرف البئر وغطاه ونعرف جسد رياضتنا «هش» وهناك خلل ما يحتاج إلى الإصلاح لكننا كنَّا سويًّا ننتظر الزَّمن حتَّى يغيّر تراكمات الماضي في صبرنا لغة حكمة حتَّى لا يسمع من في الخارج صوت الألم.. لكن للأسف في مشهد الانتخابات الآسيوية «عرينا» أنفسنا وكشفنا «عيوبنا» حتَّى أدرك الجميع خليجيًّا وعربيًّا وآسيويًا «هشاشة» السلطة الرياضيَّة في السعوديَّة؟!.
محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي السابق في الوقت الذي أعلن مرشحنا حافظ المدلج انسحابه غرَّد قائلاً: «للحقيقة فإنَّ المناصب الرياضيَّة الشرفية التي يتبوأها السعوديون لا تليق أبدًا بمكانة السعوديَّة الإقليميَّة والقارية والدوليَّة...السعوديَّة تستحق أكثر؟!».
فاز الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة بجدارة بكرسي رئيس الاتحاد الآسيوي وانتهى مشهد الانتخابات هكذا.. أما مرشحنا المنسحب حافظ المدلج مازل يكتب في كتابه «السعوديون قادمون» عن خبراته في الانتخابات كيف تقشَّر بصل وتمص حمر؟!.
** هنا يتوَّقف نبض قلمي وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل سبت وأنت كما أنت جميل بروحك وشكرًا لك.
i.bakri@live.comمبتعث دراسات عليا بالإدارة الرياضية - أمريكا - تويتر @ibrahim_bakri