قبل تخرجنا من (قسم الإعلام) بجامعة الملك سعود، كان يلزم المرور بـ(معمل التحميض) لمعرفة كيف يتم عمل الكاميرا، وطريقة (تحميض الأفلام).
هناك (سطل) فيه أحماض، وغرفة مظلمة لفيلم التصوير، وحبل يتم عليه (نشر) أوراق الصور حتى تنشف، طريقة بدائية نوعاً ما، ولم نعر الأمر في حينه (أي اهتمام)، كون معامل ومكائن (التحميض) تقوم بالعمل اللأزم آلياً، وبعد التخرج حدث الانفجار الكبير (بالتصوير الرقمي) الذي نعيشه اليوم!
ما جعلني أذكر ذلك هو ما نقلته (فرانس برس) الخميس عن (آيرون بيلهوفر) مدير الصحافيين في (نيويورك تايمز) حول أهمية إلمام محرري (الصحافة الرقمية) بطريقة عمل المواقع الإلكترونية، ليتجاوزا مجرد استخدام (الإنترنت) بشكل عادي, ويصبحوا مصممي محتويات معلوماتية (للارتقاء) بالصحافة الرقمية، (بيلهوفر) لا يريد أن يفك الصحافي (الشفرة الإلكترونية) ولكنه يرى أن التعاون بين (الصحافيين والمهندسين المعلوماتيين) ومعرفة كل منهم بطريقة عمل الآخر، يسهم بشكل مباشر في (توسيع آفاق التحرير) لتخطي مفهوم (النص والصورة).
الفكرة لم ترق لبعض (مشغلي التقنيات)، الذين يرون فيها (تدخلاً) في تخصصاتهم، بينما العديد من (أساتذة الإعلام) يرون أن مستقبل الصحافة الإلكترونية سيتوقف (يوماً ما) على قدرة الصحافي على (فك الشفرة) المعلوماتية وطريقة عملها، بل هناك من دعا لتعليم هذه التقنية في مدارس ومناهج التعليم العام.
(ضغطت زر) تقدم لك اليوم، ما يقوم به (فريق كامل) من المتخصصين، إلا أن قوة (المُتخصص) تبقى في معرفة آلية عمل هذه (التقنية) وكيف يجب أن يستثمرها بشكل جيد؟! وكيف يتصرف في حال (غياب المعلومة) أو تعطل التقنية!
والسؤال الكبير: هل كل من يقود (السيارة) مُلم بطريقة عملها ليستثمر كل مميزاتها بأفضل الطرق؟! أو قادر على الأقل أن يُصلح أعطالها (المفاجئة) في منتصف الطريق؟!
إنه الفرق ذاته بين موظف (خطوط الطيران) الذي يتعطل بمجرد (تعطل) ماكينة الحجز، والآخر الذي يستطيع تقديم (تذكرة يدوية) لتسير الرحلة!
التصوير الرقمي يحتاج (إلماماً) بطريقة العمل الرقمي للكاميرا، تماماً كما كنا نتعلم طريقة تحميض الأفلام بالأبيض والأسود.
لماذا في عالمنا العربي يراد لـ(التقنية) أن تلغي العقل؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com