كل الكلام الذي يقال عن حل أزمة السكن وتنفيذ برامج وزارة الإسكان لن يرى النور ما لم يُصار إلى حل الأزمة المفتعلة الأهم وهي أزمة الأراضي التي يقال إنها «شحيحة» في بلد الـ 2,250,000 كم2!
الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الإسكان المدججة بملياراتها الـ 250 وبالقرارات العليا الداعمة لها ستصطدم بالحقيقة المحزنة وهي أنَّ لا أرض متاحة للبناء! كل الأراضي مملوكة وأهلها لا يبيعون ولا يعمِّرون وهم يراهنون على الزمن، فكلما مضى زمنٌ أطول زادت أسعار أراضيهم. هم لا يحتاجون إلى المال حتى يبيعون، فلديهم أكثر مما يحتاجون، ولا يحتاجون إلى مساكن حتى يعمرون، فمساكنهم واسعة كبيرة «تتطارد فيها الخيل!!» ولذلك تبقى الأراضي الفسيحة التي تستوعب أمماً من العالمين شاغرة بيضاء تجلدها شمس الصحراء على امتداد السنين!
على امتداد البلد ترى مساحات شاسعة بيضاء وسط المدن والقرى وعلى أطرافها وفي ضواحيها حتى لتكاد تجزم أن المساحات الشاغرة في هذه المدن والضواحي والقرى أكبر بكثير من المساحات المُعَمَّرَة ضمن نطاقاتها العمرانية فضلاً عما هو موجود على امتداد الطرق المتشعبة في قلب الصحراء!
لو حسبنا المسألة بأي منطق اقتصادي، احتكاماً إلى قِوى العرض والطلب في أبسط أشكالها، فسنجد أن أزمة السكن لن تُحَل ما لم تُتَّخَذْ إجراءات جذرية تتعلق بالعرض الذي شوهته أساليب الاستحواذ والاحتكار. صارت كل السعودية أشبه ما تكون بطوكيو أو بأي مدينة آسيوية كبرى مكتظة بعشرات الملايين من السكان، وصار حصول المواطن على قطعة أرض أشبه بمعجزة!
أحد المسارات الخطيرة التي قد يأخذها حل أزمة السكن هو أن يلتهم أهل الأراضي البيضاء مليارات وزارة الإسكان لأن أسعار الأراضي -كما يعرف الجميع- نار حارقة تلتهم الأخضر واليابس!
أما الحل الحقيقي فهو فرض ضريبة تصاعدية على الأراضي البيضاء، وكلما زادت مساحة الأرض البيضاء كانت الضريبة أعلى، والهدف من وراء ذلك هو إجبار المُلاك الكبار على البيع مع إتاحة الفرصة لصغار الملاك على الإبقاء على أراضيهم إلى أن يتاح لهم الحصول على التمويل اللازم سواء من ادخاراتهم السابقة أو المستقبلية أو من مليارات وزارة الإسكان أو الصندوق العقاري أو البنوك أو أي جهة تمويلية أخرى يستطيعون من خلالها بناء مساكن تأويهم وأسرهم.
لا يكفي فرض ضريبة متساوية على جميع ملاك الأراضي البيضاء، وإنما ضريبة تصاعدية، فهي التي ستحقق الهدف.
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض