برحيل المهاجم الدولي -سابقا- الخلوق (فهد الحمدان) الذي وافته المنية يوم الجمعة الماضية إثر مرض عضال عانى منه -النجم الشهير- بعد إصابته بفشل كلوي مزمن، فقدت الحركة الرياضية بالمملكة واحداً من المهاجمين الكبار الذين تألقوا مع نادي الرياض -أو مدرسة الوسطى كما يحلو تسميتها- وتحديدا في عقدي الثمانينيات والتسعينيات الميلادية من القرن الفائت, وساهموا في صنع المنجزات الذهبية للنادي العاصمي العريق مع الجيل الذهبي، جيل إبراهيم الحلوة ومحمد السبيت وطلال الجبرين وياسر الطائفي ومحمد القاضي وبقية الأسماء اللامعة التي قادت المدرسة للفوز بالألقاب الذهبية والمنجزات الخالدة التي تحققت بقيادة هداف الفريق وقائده الكبير (فهد الحمدان) -رحمه الله- وتوج مشوار نجوميته اللامعة بفوزه بلقب هداف الدوري الممتاز مرتين, الأولى عام 1994م برصيد 15 هدفا, وعام 1997م برصيد 16 هدفا متساويا مع الحديثي مهاجم الاتحاد, إضافة للقب هداف بطولة كأس الاتحاد عام 1994هـ.
« لم يكن المهاجم الراحل -غفر الله له- هدافا بارعا داخل الملعب فقط, بل كان أيضا هدافاً مثالياً يهز شباك القيم الأخلاقية بسلوكه الرفيع, ووعيه الرياضي, وكان بالفعل نموذجاً للاعب المنضبط, فقدأمضى في الملاعب الخضراء قرابة 15 عاما, مثل فيها ناديه والمنتخبات السنية, وغادرها فقط بثلاث كروت صفراء!! لم يرتكب فيها سلوكا خارجا عن قواعد الضبط الأخلاقي والقيمي, وإنما لأسباب تقديرية من الحكام, فجمع الأداء العالي والخلق البديع في مسيرته الكروية، عززت من رصيده في بنك العلاقات الاجتماعية والرياضية.
« وعندما أصيب بفشل كلوي مزمن قبل شهرين لازم السرير الأبيض, ولازم أيضا جهاز الغسيل الدموي الصناعي، زرته -يرحمه الله- في المستشفى ووجدته ورغم أوجاعه المرضية ومتاعبه النفسية وألمه العضوية (صابرا) محتسبا يقابل زواره بابتسامته النقية وبشاشته التلقائية, منتظراً من يقرر مصيره مع الغسيل الصناعي، خصوصا بعد تردي حالته الصحية وانتقال تأثير الفشل الكلوي المزمن إلى وظائف الكبد وإنزيماتها, فانتكست حالته الصحية وتردت أوضاعه المرضية قبل أن يدخل العناية المركزة في وضع حرج, فغادر هذه الحياة بصمت وهدوء وبكرامة، في يوم مبارك، يوم (الجمعة) بعد أن وجد من المؤسسة الرياضية كل معاني الجحود والنكران، نعم رحل (الحمدان) في وقت كان يمنّي نفسه زراعة كلية في الخارج، بمبادرة حانية ولمسة إنسانية من «الصندوق الوفائي» يأخذ بيده, ويلامس مشاعره, ويخفف أحزانه ويصافح همومه، ويعيد له توازنه النفسي والصحي والاجتماعي، غير أن الصندوق الوفائي و(كعادته) ولى مدبراً ولم يعقب!! فمات الحمدان بعدما رفع إصبعه متشهداً -كما روى لي شقيقه الذي غسله وكفنه- في حسن ختام يسر المشاعر ويخالج النفوس، وماتت معه مشاعر الوفاء في زمن غاب الخل الوفي.. عفواً صندوق الوفاء..!!
رحم الله فقيدنا الغالي الذي رحل بصمت وهدوء وترك لنا سيرة طيبة وسمعة نيرة، تغمده الله بواسع رحمته.
Twitter@kaldous1