من خلال البحث والتمحيص في أصول الدين الإسلامي ومنهجه القويم؛ يتضح للمسلم الطريق
الأمثل في هذه الحياة الدنيا، طريق النجاة الأبدية والنعيم الخالد، فهو الهدف وهو المبتغى للإنسان، لكنه يحتاج إلى الصبر وإلى المداومة مع إبعاد اليأس والقنوت من قاموس الحياة، والإنسان في امتحان حقيقي دائم بدوام فترة كل إنسان على الأرض، يحتاج فيها إلى كبح الشهوات، وعدم طاعة الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، يحتاج إلى التفكير السوي؛ ليعلم الإنسان أن الخيارات متعددة، فلا يظنن إنسان أن الشر خيار لا بد منه، وأن طريق الخير قاصر ضيق،أبداً، فالمال على سبيل المثال يكتسب بالحلال ويكتسب بالحرام، والغريزة الجنسية تمارس بالحلال وتمارس بالحرام، وهناك الصدق وهناك الكذب، وهناك الصفح وهناك الانتقام، وهناك البخل وهناك الكرم، ومن أراد أن يقيم الحق ويحقق مراد الله في إقامة المجتمع الصالح فلن تضيق به السبل،ومن أراد الفوضى والإفساد في الأرض سيجد ما يحقق له ذلك، ولكن شتان بين جزاء المصلح وجزاء المفسد،وشتان بين راحة قلب كل منهماوطمأنينة نفسه، إن الإسلام رسالة للخير،وتزكية للنفوس وإرشادها إلى الطريق السوي، وحملها عليه لتجني ثمرات عملها في هذه الدنيا بعد جد واجتهاد، فتنال رضوان الله وجناته الأبدية ذات النعيم الدائم.
إن الحسرة على من ضيع هذه المكرمات عن سهو ولهووعدم اكتراث يريد من الدنيا لذة عابرة وسهرة غامرة سريعة الزوال؛ يبقى أثرها المنكود نكتة سوداء في القلب؛ تكبر مع استمرار الغواية والتمادي في هوى النفس وسكة الشيطان، لتضفي على القلب غلظة وسواداً .
والحسرة الأكثر ألماً لمن يظن أنه يعبد الله وهو يجهد نفسه ويقسرها على العمل طاعة لله، وإذا به في حقيقة الأمر ضال غويٌّ يجري وراء البدع والمشاهد والقبور وتقديس الأموات والاستشفاع بهم جهلاً وحمقاً ،وقد وطن قلبه الميت على تقبل هذا الخلل في العبادة، فما عاد يحس بجذوة الإيمان ولا بإشراقة النفس، فيكون كالعيس يقتلها الظمأ في الصحراء والماء فوق ظهورها محمول، لقد ترك الفروض وأجهد نفسه بما يظن أنها السنن ،وترك الصحيح من قول النبي- صلى الله عليه وسلم-وتبع من الأحاديث أضعفها أو المكذوب منها عن جهل وعدم معرفة أو دراية،ولو تمتع بحس المؤمن السوي لاكتشف الخلل ولساوره - على أقل تقدير - الشك بها، لقد تأثرتُ أيما تأثير وحزنت أيما حزن على أرتال الرجال والنساء وهم ذاهبون بذلّ وانكسار يبذلون الجهد والمال لزيارة المشاهد التي ما أنزل الله بها من سلطان؛ دون أن يدروا حقيقة ما فيها، وقد لا تكون لولي ولا لتقي، ولربما عشش بها الشياطين من إنس أو جن، يقودهم - ويا للأسف - إلى الهلاك دعاة مأجورون من الشيطان يبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل، ويزينون لهم هذه العبادة الضالة، ويستبدلونها بالحج الذي فرضه الله عليهم،ويمنونهم ويعدونهم ( وما يعدهم الشيطان إلا غروراً ) وهم بالأحرى يعدّونهم حطباً لنار جهنم، يا لتلك البلاد الأعجمية المحسوبة على المسلمين بملايينهم البشرية، وهم يتخبطون في العبادة بلا هاد ولا مرشد يبصرهم في أمور دينهم، فإذا كانت حكوماتهم قد تخلت عن الدعوة والمنهج الحق، أوليس على المخلصين من أبناء الأمة أن يسدوا هذا الخلل؟ فيردوا ضال المسلمين إلى الصواب، لقد حزنت كثيراً لما وصل إليه حال كثيرمن الدول الإسلامية البائسة، وما تسرب إليها من هذه العقائد المنحرفة، وإذا كان هؤلاء البائسون قد وقعوا في براثن الانحراف لعدم معرفتهم باللغة العربية فلبّس عليهم دعاة السوء الأمر؛ فما بال العرب والناطقين بلغتهم لكي ينتكسوا هذه الانتكاسة؟
أليس من الأجدر بهم أن يكونوا على الطريق القويم والهدي النبوي الصحيح؟! فهم مادة الدين وأهل الفهم للقرآن، فَلِمَ تشعبهم وتفرعهم واختلافهم؟ ولم أضحى كثير منهم يبتعدون عن منهج الحق متلبسين بما ابتدعه أهل الضلال؟ فأصبحوا في تيه وضياع، وفقدوا مناعة التمييز بين الحق والباطل، وبين البدعة والسنة،وبين شرع الله وشرع الأفاكين. أين المخلصون؟
إن عصرنا هذا هو عصر دعوة سلمية لما يتاح فيه من وسائل تساعد على إيصال الدعوة بيسر إلى الناس كافة، فهي الطريق الأمثل لانتشار رسالة الإسلام، ولنذّكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي يوم خيبر :» يا علي لأن يهدي الله بك رجلاً للإسلام خير لك من حمر النعم».