(القصاص)
من كثرة ما سمع عن تنفيذ القصاص الذي أمرنا به ربنا سبحانه وتعالى لمن يقتل مسلما دون وجه حق، فكانت لديه لهفة وتشوق وفضول عجيب لكي يشاهد كيف يتم ذلك المشهد الأليم الذي لم يقف أمامه على الرغم من أنه كان يسمع فيه منذ زمن ولم يره حتى الآن .
كان في تصوره أنه منظر عادي كأي فرجة على مشهد مشاجرة أو خصام او حادث مروري وما زاد لهفته لإشباع فضوله ورغبته هو ما يسمعه من الأصدقاء والأقرباء أنها مواقف مرعبة وتثير الهلع بل هي درس لمن تسول له نفسه الجريمة .
صمم في أحد أيام تنفيذ القصاص أن يذهب لوحده إلى موقع تنفيذ حد القصاص وهو (الصفاة) وسط الرياض ليشاهد تنفيذ حد الله في أحد الجناة، وحينما توجه إلى ذلك المكان وجد الناس وقد احتشدت بشكل كبير لكنه من شدة الازدحام لم يتمكن من الوصول لمبتغاه الا وهو مشاهدة تنفيذ القصاص عن قرب.
حاول التسلل بين الجموع إلا أنه محاولاته باءت بالفشل فلم يفقد رغبة الفضول حيث قرر التوجه إلى مكان مرتفع حيث تمكن من رؤية ذلك المنظر والمشهد الغير مألوف لديه والصعب.
حينما تسلق ذلك جدار ذلك المبنى القديم ورأى منظر الدماء والجثة الهامدة لم تسعفه رقة قلبه على إكمال مشاهدة ذلك المنظر، حيث أصيب بخفقان في قلبه لم يتمكن معه من الوقوف، ولولا لطف الله ورحمته به لا يدري ما الذي كان سيصيبه في تلك المشاهدة التي لم يقو على متابعتها.
عاد للمنزل في حالة يرثى لها ظل على ذلك الحال عدة أيام لم يهنأ بنوم أو أكل ليقرر بعدها الا يفكر يوما من الأيام في تكرر ذلك الأمر فقد حمد الله على سلامته وصرف النظر عن كل ما هو أليم لا يستطيع قلبه الرهيف تحمله.
(مزاح ثقيل)
من شدة سعادتها بشقيقتها التي كانت تزورها بعد غياب طويل أرادت أن تضفي شيئا من المرح والمزاح الذي لم تكن تدرك عواقبه ولم تكن تقصد منه الا المرح والمزاح البريء جلست مع شقيقتها يتجاذبان أطراف الحديث وفجأة أختفت الأخت الكبرى تاركة ضيفتها، وبينما كانت الأخت الصغرى سارحة تنتظر شقيقتها واذا بذلك الشيء الغريب الذي يتدحرج أمامها جسم ضخم من الشعر لا يظهر منه شيء يدل على ما هيته.
هنا ارتفع صوت الأخت الصغرى (الضيفة)بالبكاء من هول ما شاهدته أصبحت في حالة من الذعر الذي كادت معه أن تفقد عقلها لولى الهام الله للأخت الكبرى بسرعة التصرف والكشف عن رأسها لكي تراها شقيقتها ويزول عنها ذلك الرعب والهلع الذي كانت فيه ندمت الأخت الكبرى على تصرفها الذي كاد يتسبب في فقد شقيقتها لعقلها.
ولكي تنقذ الأمر قامت الأخت بمواساة شقيقتها بالاعتذار عما بدر منها من تصرف تصاحبه الدموع (دموع الندم)والأحساس بالذنب كما قطعت على نفسها عهدا بألا تعود لمثل ذلك المزاح الذي كاد يفقدها شقيقتها تفهمت الشقيقة الصغرى قصد شقيقتها وسامحتها.