نعمة المطر من النعم العظيمة التي يرزق بها الخالق البلاد والعباد، لآثارها الطيبة على جوانب كثيرة في حياتنا، وما يهمني هنا هو تسليط الضوء على ما حدث في بعض مدننا الرئيسة عندما تحولت نعمة المطر إلى “نقمة”، وظهرت معها أحداثٌ مؤسفة تدل على خلل كبير في البنية التحتية، مما تسبب في حوادث من الغرق والضياع والخسائر المادية والبشرية والتي تتكرر في كل عام، وكأن بحال المسؤولين عن أرواح الناس لا يتوقعون نزول الأمطار الغزيرة بعد جفاف سنوات!.. والمشاهدات التي حدثت هذا الأسبوع مع أول يوم ممطر كمثال في العاصمة الرياض، لأمر مؤسف حقاً ابتداءً من تعليق الدراسة ليومين لمجرد ساعات ممطرة لكنها خلفت وراءها بحيرات تموج بها شوارعنا الرئيسة، ولم يتوقف الأمر على الأحياء القديمة، بل ظهر واضحاً حتى في الأحياء الحديثة بعمرانها وبخاصة شمال الرياض، حيث تجمعت البحيرات وأعاقت المرور عند دوارات رئيسة لتلك الأحياء!.. وتعليق الدراسة لمجرد يومين ممطرين في العاصمة لم يكشف سوء تصريف السيول، وسوء التخطيط العمراني، وسوء البنية التحتية التي لا يختلف عليها اثنان فقط!، بل كشف لنا أيضاً كآباء وأمهات ومعلمين ومعلمات ضعف، بل وانعدام الدافعية لدى كثير من الطلاب وانتظارهم لقرارات الإجازة من المدارس سواء بسبب الأمطار أو بسبب العواصف الترابية بقلوب ملهوفة!.. وشعورهم بالسعادة التي لا توصف وهم يتناقلون الخبر بمواقع التواصل الاجتماعي بطريقة أسرع من البرق!.. وللأسف أن ضعف الدافعية لديهم يرتبط بأسباب كثيرة من أهمها مستوى المدارس المستأجرة، وسوء البيئة المدرسية وضعف الأساليب المشوّقة في التدريس، وافتقارها للعوامل الجاذبة لهم في ظل التغيرات العصرية ومتطلباتهم التي لا تتمكن كثيرٌ من المدارس أن تحققها لهم! لذلك فالمطر نعمة كبيرة لطلابنا لأنه سيُنقذهم من الذهاب للمدرسة التي أصبحت عبئاً كبيراً على قلوبهم!.. بل حتى الغبار وما يخلفه في المدارس من آثار تسيء لصحة الطلاب أصبح منقذاً لهم من الالتزام المدرسي!.. وفي ظل هذه المتغيرات الجوية التي نتساءل عن التقاعس والفشل في مواجهتها والتعامل معها بحكمة وخبرة وسلاسة لا تستدعي استنفار الجهات الأمنية والصحية وأجهزة الدفاع المدني التي قد تنقصها مهارات التعامل في الأجواء الطارئة، ومهارات التعامل مع مخاوف الناس وكيفية إنقاذهم وتوجيههم للتعامل مع هذه الأجواء إذا حدثت!.. وسيول جدة أكبر وصمة عار بحمشاريعنا القديمة والحديثة، والآن أكبر وصمة عار ما تناقلته رسائل التويتر عن كيفية إنقاذ معلمات رنية بحملهن على سطح “وايت الماء” الخاص بإطفاء الحرائق وكأن جهاز الدفاع المدني في رنية لا يُوجد به سيارات للإنقاذ أفضل من وايت ماء!! اللهم الطف بنا في النعم والكرب ما دامت مدننا الكبيرة والصغيرة تعوم عوماً لمجرد أمطار لأيام.. ولا تحرمنا نعمة الأمن والأمان، واحفظنا بحفظك في السراء والضراء.
moudyahrani@ تويتر