«بعد الرحيل» عنوان معرض الفنان (المخضرم) عبدالله حماس الأسبوع الماضي في قاعة الفن النقي في الرياض، والذي جاء ليعبر عن مشاعره تجاه رحيل والدته رحمها الله قبل عدة أشهر.
وهو المعرض الأول له في الرياض بعد غياب 40 عاما عن العرض (المنفرد) في العاصمة التي درس وتخرج فيها حاصلا على دبلوم التربية الفنية من المعهد الأول من نوعه في المملكة والذي ينتسب إليه العديد من فناني الجيل الأول والثاني في تاريخ الفن الحديث والمعاصر في السعودية.
وحماس قامة فنية كتب فيها وعنها العديد من المهتمين بالمجال، وتتميز شخصيته بالتواضع الذي يجعل من لا يعرفه عاجزا عن تقدير هذا التاريخ والعمق المعرفي والفني، والذي تجلى في أعماله المعروضة ذات الحجم (الكبير) كما عودنا حماس بجدارياته إضافة إلى الألوان الصريحة والجريئة والقوية بل المبهجة، واختزاله للعناصر في صور مجردة لازمت أسلوبه على مدى عقود.
ولكن رؤية أعماله في هذا المعرض استحضر أمامي عددا من التساؤلات، خصوصاً وأنا أرى خطوطا وألوانا جديدة لم أعتدها في أعماله، منها المساحات من الخطوط الرأسية المرتبطة بصورة النخلة في البعض من الأعمال، ومنها اللوحات ذات الألوان الباردة والتي تناقض حيوية وحرارة ألوان حماس المعروفة في أعماله، أو تلك اللوحة التي تصدرت المعرض بحيادية اللون أو بلا لون إن صح لي التعبير بل بلا تكوين! ، والتي لم أستطع (هضمها) وأنا أحاول أن أتذوقها، ربما لأني اعتدت على تشكيلة الألوان الحيوية وتكويناتها ذات التقسيمات المرتبطة بإيقاع الألوان والخطوط والذي ضعف بعد غيابها؟ وربما لأنها جاءت وحيدة وفقيرة في تلك القاعة مقابل ثراء الألوان في الأعمال الأخرى؟
كذلك أستغرب هذا التنوع الأسلوبي واللوني بين عمل وآخر مع أنها لا تمثل مراحل زمنية متتابعة، ويبدو من خلال مقارنتها أننا أمام محاولات للخروج عن القيد في الأسلوب في دائرة بدأ الفنان يملها، لذا فهو يدور في الحلقة ويعود من خلال الدوران إلى النقطة التي بدأ منها وهكذا، أو أننا أمام انفصامية متعددة الشخصيات قد تكون مقبولة من فنان لا يبدع سوى من خلال الجنون، وقد نكون أمام فنان يريد أن يرضي جميع الأذواق، فيتعامل مع النقد والتعليق والآراء التي توجه لأعماله على أنها (ما يطلبه المتلقون).
شخصياً أرجح أن هذا التنوع مرتبط بالسبب الأول والثاني جزئيا، ولكن ربما خلفه أيضا أسباب أخرى لا يستطيع أن يفسرها سوى الفنان نفسه.
ولا أستطيع أن أنكر إعجابي بلوحاته التي تضمنت الإيقاع اللوني المبهج من خلال عناصر لشخصيات تجريدية تراثية في تقسيماته المعتادة أو من خلال تكويناته ذات الإيقاع والعناصر الزخرفية المليئة بذاكرة هويتنا التراثية.
أخيراً، سعيدة بهذا التتابع لمعارض فنانين سعوديين من مناطق مختلفة في قاعة الفن النقي، وسعيدة بعودة هذا الجيل للعرض في العاصمة التي بدأت تغار أو (تغبط) الحركة المتسارعة في مجال الفنون البصرية في المنطقة، لتظهر ضمن المدن النشطة في المنشورات الفنية تحت عنوان (يحدث هذا الأسبوع)!
msenan@yahoo.comtwitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية