خلال الفترة من القرن الخامس عشر إلى الثامن عشر الميلادي وهي أوج فترة تجارة الرقيق الإفريقي إلى الولايات المتحدة؛ يعتقد أن نسبة المسلمين من هؤلاء العبيد تتراوح بين عشرة إلى ثلاثين في المائة، وفي أواخر القرن الثامن عشر بدأ يتقاطر المهاجرون المسلمون العرب من لبنان، سوريا، الأردن إلى أمريكا ومع بداية القرن التاسع عشر وصل المهاجرون المسلمون من بوسنيا إلى مدينة شيكاغو ثم العرب المسلمون إلى مدينة ديترويت، وفي عام 1919م تم بناء أول مسجد في ديترويت، وصاحبه أيضاً في ذات المدينة صدور مجلة (شروق شمس المسلم) الربع سنوية، والتي كانت تهدف إلى التعريف بالإسلام آنذاك، وفي عام 1930م تأسست حركة المسلمين السود المسماة (أمة الإسلام المفقودة المستردة) التي من أحد أهدافها تشجيع الزنوج الأفارقة على رفض ديانة أسيادهم البيض والعودة إلى ديانة آبائهم. بعدها، بدأت تظهر الزعامات الإسلامية في أمريكا وأشهرها (مالكوم أكس) الذي أسلم في السجن وبعد خروجه تسلَّم زعامة المسلمين السود في أمريكا وأشتهر بأنه خطيب مفوّه، وقدم إلى السعودية لأداء فريضة الحج باستضافة من الملك فيصل رحمه (الأمير فيصل وزير الخارجية آنذاك) وقام بتغيير اسمه إلى مالك، وبعد عودته إلى أمريكا تم اغتياله من قبل اليمين المتطرف الذي يحمل عقيدة سيادة العرق الأبيض على جميع الأعراق.
في عام 1964م أعلن الملاكم الشهير كاسيوس كلاي إسلامه وغيَّر اسمه إلى محمد علي فقط بدون اسم العبودية كلاي وأدى فريضة الحج، وفي عام 1999 م أصدرت هيئة الخدمات البريدية الأمريكية طابع بريدي تكريماً للزعيم المسلم الراحل مالك أو (مالكوم أكس) وفي نفس السنة أيضًا حصل العالم المسلم المصري الأصل أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء، وفي عام 2001 م أصدرت هيئة الخدمات البريدية الأمريكية طابعاً بريدياً عن عيد الفطر المبارك تكريماً للمسلمين.. ومنذ عام 2000 إلى اليوم ارتفع عدد المساجد في أمريكا من 1209 مساجد إلى 2106 مساجد أي بنسبة ارتفاع قدرها 74%.
خلال انتشار الإسلام في الأرض الجديدة (أمريكا)، كان الحذر والخوف من الغزو الفكري مسيطراً على أصحاب الفكر الإسلامي إلى درجة الهوس..
الغزو الفكري: هو مصطلح حديث يعني الجهد التي تبذله أمة من الأمم بغرض الاستيلاء على فكر أمة أخرى أو التأثير عليه ليتجه وجهة معينة من خلال استعمال مختلف الوسائط منها المناهج الدراسية والثقافية العامة، ووسائط الإعلام المختلفة، والمؤلفات وغيرها..
في الوقت الذي كان المسلمون، جل اهتمامهم، منصباً على ترقب خطر الغزو الفكري القادم من العالم الغربي، نبتت شجرة الفكر الإسلامي المنحرف بين أحضان المسلمين وتحت ظلالها نشأت وترعرعت الجماعات التكفيرية التي تمارس عملها الإرهابي تحت اسم الجهاد الإسلامي..
الخلاصة..
إن جيل تقنية المعلومات، اليوم، لا يعرف مصطلح الغزو الفكري، ولكنه يعرف مصطلح الفكر المنحرف ومدى ارتباطه بالإسلام، ليس بسبب ضعف في ثروته اللغوية، فهو جيل المعلومة، وإنما لعدم وجود استعمالات ملموسة لمصطلح (الغزو الفكري) في زمن المعلومة، بل إن الأصوات التي كانت تصدح بهذا المصطلح، صمتت أمام السيل الجارف من التراسل الإلكتروني للمعلومات..
في الوقت الذي كان المسلمون ينتظرون قدوم الغزو الفكري من أرض الولايات المتحدة الأمريكية، انتشر الإسلام في ذات الأرض، ولم يكن انتشاره بجهود رجال الدعوة الإسلامية، وإنما بعناصر الحفظ والبقاء التي يتكون منها الدين الإسلامي وحملها المهاجرون معهم إلى أمريكا لاغتنام فرص الحياة الكريمة، ويقدَّر اليوم عدد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية بين ستة إلى سبعة ملايين.. وللإسلام رب يرعاه..
khalid.alheji@gmail.comTwitter@khalialheji