تعد العلاقات السعودية المصرية من الخصوصية بمكان، فالمملكة العربية السعودية ومصر تربطهما علاقات ذات جذور في التاريخ الإنساني والسياسي، وهي علاقات تتميز بالقوة والاستمرار لأنها مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح والاهتمامات المشتركة سواء بالقضايا الإسلامية أو العربية، أو قضايا الأمن والسلم الدوليين، وتؤكد الدولتان دائماً ذلك؛ سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وهذه العلاقات وطيدة وراسخة ولا يمكن أن تتأثر بالأحداث الطارئة أو الحوادث الفردية.
وتتميز العلاقات السعودية المصرية بالمكانة والقدرات الهائلة التي تتمتع بها كلتا الدولتين؛ سواء على الصعيد العربي أو الإسلامي أو الدولي، ويمكن اعتبارهما قطبي العلاقات والتفاعلات العربية والإقليمية، ويزداد هذا التقارب كلما تطابقت التوجهات السياسية بين البلدين.
على الصعيد السياسي تمتد الجذور، فمنذ أن بدأ المؤسس -رحمه الله- في بناء الدولة السعودية الحديثة عام 1902م، حرص كل الحرص على علاقات قوية مع المملكة المصرية في ذلك الوقت التي توجت بمعاهدة الصداقة التي وقعت بين البلدين عام 1926م، تلتها اتفاقية التعمير بالرياض عام 1939م، وللمملكة العربية السعودية ومصر دور كبير في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، وزاد من زخم العلاقة الدفعة القوية التي صاحبت زيارة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لمصر، وتأييد المملكة للمطالب الوطنية المصرية في كافة المحافل الدولية بإنهاء الاحتلال البريطاني.
وللمملكة وملوكها مواقف مشرّفة سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، منها وقوف المملكة إلى جانب مصر في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، فبعد أن سحبت أمريكا عرضها لتمويل بناء السد العالي قدمت المملكة لمصر مائة مليون دولار، وعقب العدوان الثلاثي أعلنت المملكة التعبئة العامة تنفيذاً لاتفاقية الدفاع المشترك، وعقب العدوان الإسرائيلي الصهيوني على مصر والدول العربية عام 1967م وجه المغفور له الملك فيصل نداءً للزعماء العرب للوقوف إلى جانب الشقيقة الكبرى وتخصيص اعتمادات مالية تمكنها من الصمود، ولا يجب أن ننسى مواجهة الملك فيصل لهنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا عندما ألقت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر خلال حرب أكتوبر والعبور العظيم الذي قطع اليد الطولى للعدو الصهيوني، وكذلك مشاركة القوات المصرية في تحرير الكويت، وهو ما يثبت أن التقاء المملكة ومصر على هدف واحد يحقق الأهداف والمصالح العليا، وهاهو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يسير على نهج أبيه وإخوانه بمد أواصر الأخوة والتعاون مع مصر لمساعدتها على تخطي المرحلة الانتقالية لما بعد ثورة يناير تنفيذاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أوصيكم بمصر خيراً فإن لهم رحماً وصهراً)، أما الرحم فهي هاجر أم إسماعيل عليه السلام، وأما الصهر فهي زوجة المصطفى صلى الله عليه وسلم مارية أم ولده إبراهيم التي أسلمت هي وأختها قبل أن تصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.