|
جدة - واس:
أكد دولة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي على تعزيز الروابط بين اليابان والشرق الأوسط بحيث لا تقتصر على مجال النفط والغاز، بل تمتد إلى الاقتصاد والصناعات، مما يعمل على رقي وتطور العلاقات بين الجانبين بشكل بارز.
وقال دولته: «إن الشرق الأوسط واليابان شريكان يملكان ذات المصالح والاهتمامات المشتركة، وإن القرن الحادي والعشرين بالنسبة إلى اليابان والشرق الأوسط هو قرن التعايش والازدهار المشترك، حيث نعيش فيه معاً ونزدهر فيه معاً».
وأضاف رئيس الوزراء الياباني في محاضرة ألقاها أمس بجامعة الملك عبدالعزيز «إن اليابان ستواصل التعاون المستمر مع كل دول الشرق الأوسط سواء مع زعماء الدول أو مع كبار المسؤولين عن الأمن القومي فيها»، مبيناً أن اليابان قررت تقديم مساعدات حجمها 2.2 مليار دولار من أجل تأسيس وترسيخ الاستقرار والسلام ودفع التعاون مع كل دولة في هذه المنطقة التي تمتد من الشرق الأوسط إلى شمال إفريقيا.
وأعرب دولته عن سعادته بزيارة المملكة العربية السعودية بعد ست سنوات من زيارته السابقة، مشيراً إلى أن أول زيارة في تاريخ العلاقات السعودية اليابانية قام بها مسئولون سعوديون في عام 1938م قبل ثلاثة أرباع القرن وقبل ست سنوات من تأسيس المملكة العربية السعودية.
وقال:» إن زيارته الحالية إحدى العلامات الفارقة لتدعيم وتأسيس علاقات متجددة ورابطة ذات أبعاد مختلفة عما كان الأمر عليه في السابق بين البلدين يرافقه عدد من قادة الصناعات اليابانية للتوسع الكبير في التعاون والتكامل الصناعي وصولا إلى الزراعة والرعاية الطبية «، لافتا الانتباه إلى نمو شركة بترو رابغ التي تتقاسم رأس مالها مناصفة بين شركة أرامكو السعودية وبين شركة سوميتومو للكيميائيات اليابانية حيث أصبحت شركة ذات شهرة معترف بها كأحد أهم مراكز الإثيلين المشهورة في العالم.
وأضاف رئيس الوزراء الياباني أن شركة سيارات تويوتا لأسهمت في إنشاء المعهد العالي السعودي الياباني للسيارات حيث خرج المعهد مايزيد على ألف من الفنيين السعوديين المتخصصين في السيارات، كما تم في شهر ديسمبر الماضي افتتاح مصنع تجميع سيارات نقل ايسوزا بالمملكة» مشيراً إلى أن هذه الشركات واليابانيون الذين يعملون فيها يجتهدون في نقل المضمون والجوهر الياباني في مجال تصنيع المنتجات إلى جيل الشباب السعودي.
وقال دولته « يوجد أشخاص متحمسون في اليابان يعملون على تقديم منتجات اليابان الطازجة إلى مائدة طعام الشرق الأوسط بالإضافة إلى أشخاص لديهم دافع لكي تقوم اليابان بالدخول في منظومة الرعاية الطبية بالمملكة في مجال التشخيص بالصور والخدمات الطبية العاجلة لما لدى اليابان من خبرة كبيرة في هذا المجال.
وأفاد دولة رئيس الوزراء الياباني أن اليابان تتطلع إلى التعاون مع المملكة في مجال ألواح الطاقة الشمسية الصلبة المصنوعة في اليابان التي تتحمل العواصف الرملية، مبيناً أن الطاقة الكهربائية التي تولد في الشرق الأوسط وبإضافة القوة اليابانية إليها سوف توصل إلى مركز شبكات كبيرة تربط بين آسيا وأوروبا.
وأشار إلى أن اليابان والشرق الأوسط سيعملان معاً يوماً بعد يوم على تقوية العلاقات السياسية والأمنية، مشيرا إلى تصويت اليابان على قرار الأمم المتحدة بمنح فلسطين صفة الدولة المراقب في نوفمبر الماضي في إطار فهم اليابان للأمنية المنشودة للشعب الفلسطيني تجاه إقامة دولته.
وأكد دعم اليابان لحق تقرير المصير للفلسطينيين ودعم «حل الدولتين» حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطين مستقلة في المستقبل، مفيداً أنه لايمكن أن نغض البصر عن المأساة في سوريا وعن القضية النووية في إيران وإزالة عوامل عدم الاستقرار في المنطقة حتى تتمتع بالاستقرار والازدهار والنمو.
وبين دولته أن هناك مشروعاً رائداً تقوم به اليابان وهو مشروع «ممر السلام والازدهار» بين الأردن وإسرائيل وفلسطين، ولا يمكن القيام بإنجازه بدون أي من هذه الأطراف وتعاونها معاً، مبيناً أن المشروع يهدف إلى أن يعرف شباب الضفة الغربية أن عرق العمل الشاق هو عرق السعادة، ويكون ذلك بتحويل منطقة وادي نهر الأردن إلى حقول خصبة خضراء، متمنياً من الشركات في الشرق الأوسط التي تحقق تقدما المشاركة في هذا المشروع أيضاً.
وأبدى دولة رئيس الوزراء الياباني سعادته بطلب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قادة فنيين متخصصين من اليابان بغض النظرعن التكاليف، مؤكداً أن اليابان ستبدأ مع المملكة والإمارات أولاً، محوراً جديداً هو ما يسمى «بالتعاون الفني مع تقاسم التكاليف»، وسيستقبلون خبراء من جايكا «هيئة التعاون الدولي اليابانية» من الذين يتمتعون بخبرة كبيرة.
وقال دولته «وما أتوقعه وأؤمن به هو أن هؤلاء الفنيين اليابانيين، بلا شك، سيكونون حاملين إليكم خبرة ومهارة صناعة المنتجات اليابانية ، وفي الوقت ذاته يدفعون روح التعاون والانسجام والتسامح أيضاً، وبالعكس، لا شك أيضاً أن هؤلاء الفنيين اليابانيين بعد احتكاكهم عن قرب بكم سيتعلمون مباشرة في هذه الأرض أن الإسلام دين يحمل في جذوره رسالة تدعو إلى حب الآخر وقبوله ويتدفق بعيون التسامح العميق، فإنهم سيتعلمون كثيرا مما تولون أهمية كبيرة من روح التعايش والتعاون والتسامح وسيكونون سعداء بلا شك في نقل ما تعلموه من هذه القيم إلى اليابان».
وأشار دولته إلى أن اليابان، ستنفذ خلال الخمس سنوات القادمة، تدريباً لحوالي 20 ألف شخص وسترسل خبراء لكل دول الشرق الأوسط، كما ستزيد أيضاً من عدد الطلاب الذين يأتون للدراسة في اليابان، مبيناً أن عدد الطلاب القادمين من المملكة للدراسة في اليابان زاد خلال السبع سنوات الماضية من 30 إلى 500 طالب.
وقال رئيس وزراء اليابان «لقد بدأت أتحدث انطلاقاً من باب نوعين اثنين من التخطي والتجاوز، الأول هو تخطي الموارد الطبيعية وارتباط بعلاقات اقتصادية كلية وتحقيق التعايش والازدهار المشترك، والآخر هو تخطي العلاقات التي تقوم على الاقتصاد فقط والتقدم إلى علاقة التعاون من أجل السلام والاستقرار والنمو في المنطقة، وهاتان طفرتان كبيرتان، والذي ينتج عن هذا سيكون درجةً كبيرةً من التكامل والتآزر لعلاقات متعددة الجوانب، فالعلاقات التي ربطتها الطاقة ستحصل على التكامل والتآزر الحقيقي في نهاية المطاف».
وأضاف «أن هذا سيشجع اليابان والشرق الأوسط على مزيد من التعاون والتعايش والازدهار المشترك، من أجل جعل الشرق الأوسط مسرحاً للأمل وأرضاً للنمو القوي»، موضحاً أن اليابان تبذل جهودها للتعايش والازدهار المشترك والتعاون مع الجميع من خلال تقديم مساعدات حجمها 2.2 مليار دولار.
وعبر دولة رئيس وزراء اليابان عن احترامه لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الذي بدأ نشاطاته بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين ، وذلك لما يمثله هذا المركز من أهمية قصوى في التاريخ البشري والعالمي، مشيراً إلى أن المركز واصل نشاطه بلا كلل ولا ملل من أجل تشجيع الحوار بين أتباع الأديان المختلفة وترسيخ روح التسامح، مؤكدا أنه لايوجد أي شيء آخر يبلور روح التعايش والتعاون والتسامح بصورة أكثر وضوحا من هذا المركز.
وقال: «إنني سأقتدي شخصياً بهذا النموذج الذي يقدمه المركز، كما أنني مصمم على زيادة قوة التحرك باتجاه الحوار المعرفي الذي يربط بيننا، وذلك من أجل تحقيق تفاهم أوثق بين اليابان والشرق الأوسط والبحث عن استراتيجية أعمق للتعاون فيما بيننا».
من جانبه، أكد مدير جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة بن صادق طيب أهمية الزيارة للجامعة، متمنياً أن يستمر التعاون مع اليابان في المجالات العلمية والتقنية، لافتاً النظر إلى ما حققته اليابان من انجازات كبيرة في عدد من الميادين.
حضرالمحاضرة معالي وزير الاقتصاد والتخطيط وزير التجارة والصناعة بالإنابة الدكتور محمد بن سليمان الجاسر، الوزير المرافق وسفيرخادم الحرمين الشريفين لدى اليابان عبدالعزيز تركستاني ووكلاء وعمداء الجامعة.