ذات يوم وقف سفير الدولة الآسيوية الإسلامية أمام كاميرات الصحافة مؤكداً ان أعداد العمالة القادمة من بلاده سوف تتضاعف خلال سنة في المملكة، وكأنه يتحدى كل معترض على ممارسات تلك العمالة غير المقبولة والمخالفة لأنظمة الإقامة والعمل ووصلت إلى حد مزعج، وحين أشار له أحد الصحفيين بأن كثيرا من هذه العمالة قد أطلقت من سجونكم ودفع بها لأسواق المملكة والخليج؟ أجاب في لقائه الصحفي الذي نشرته الصحف حينها: إنهم هنا يتعلمون قيماً تعدّل من سلوكهم! بمعنى أنه لم ينف أن منهم مجرمون وقتلة وأصحاب سوابق، لكنه لم يتحدث عن جهود للسفارة للعمل على نصحهم ومعاقبة المتجاوزين منهم، بل إن السفارة قد ترحّل من يلجأ إليها منهم هارباً من كفيله أو بسبب جريمة ارتكبها، هكذا (على ما يبدو) مفهومهم للعلاقات والأخوة الإسلامية.
قبل أيام قالت مصادر إعلامية نقلاً عن تقارير من تلك الدولة التي أغرقت شوارعنا وكل شيء في بلادنا بأسوأ عمالتها: إن محادثات تمّت بين وفد سعودي من مستثمرين ومهتمين باستقدام العمالة وبين مسؤولي توظيف العمالة هناك بشأن استقدام آلاف العاملات المنزليات للخدمة في المملكة، وان الوفد السعودي زار مركزاً لتدريب هؤلاء العاملات الذي يستغرق بضعة أيام، وان سن العاملة يتراوح بين 25 - 45 وأن عملية التنفيذ ستبدأ فور توقيع اتفاق بهذا الشأن يضمن شروطاً لصالح العاملة.
ردود الفعل على الخبر تركزت على احتمال زيادة وتيرة الجرائم المنزلية خاصة فيما يتعلق بسلامة الأسرة والأطفال بالذات، والسرقات والهروب من الخدمة، ثم التزاوج بين أفراد هذه العمالة وتكوين أقلية ترهق كاهل المجتمع أمنياً واجتماعياً واقتصادياً وخلق ظروف مقلقة نحن بغنى عنها منذ قدوم الذكورفكيف يكون حالهم معنى، وقد التأم طرفان أحدهما سينسج خيوط المشكلات من داخل المنزل والآخر يديرها ويكملها من الخارج؟ وبالتالي خلخلة وإرباك نسيجنا الاجتماعي والأسري، وإيجاد بيئة جديدة ونمط معيشي غير مقبول لن يضيف لنا الاّ مزيداً من التأخر والنظرة الدونية بين الشعوب، إذ إن مجتمعنا سيتحول إلى وعاء جاذب لأردأ وأسوأ القدرات العقلية البشرية وأقلها إنتاجية وأكثرها فساداً وإفساداً، فعمالتهم الذكورية هنا في بلادنا لا تدّخر جهداً للتعاون مع الإناث العاملات من جنسيات أخرى فكيف إذا جلبنا لهم من يفهمهم ويؤمن بأخلاقياتهم؟! إن صدقت الأخبار فإن التساؤلات ستبحث عمّن يقف وراء مثل هذه الإجراءات والمشروعات لجلب هذه العمالة لأرضنا ومجتمعنا والهدف من وراء ذلك، في حين أن الدول الأخرى وأولها الخليجية تعمل بجدية للتخلص منهم ولاسيما من لايملكون مؤهلات تخوّلهم للعمل بمهن يحتاجها سوق العمل، التساؤل التالي هو: كيف لا نتعلم من الأحداث والتجارب، ولا نتعظ من الوقائع السابقة، وكل ذلك على حساب راحة وأمن واقتصاد الوطن والمواطن واستقراره، الأدهى من كل ذلك ما يشاع (ان صدق) من أن طائفة معادية لأهل السنة تتغلغل بتخطيط مدبّر بين صفوف هذه العمالة وأن الحذر واجب ويحتم أخذ هذا التحذير محمل الجد والعمل على التقصي بشأنه خدمة للدين والوطن، لدغنا من جحور عدة مع ان المؤمن كيّس فطن.
t@alialkhuzaim