* أعراف مجتمعنا تقضي بفصل الذكور عن الإناث فصلاً تاماً.. مما جعل من الصعب على طالب الزواج اختيار شريكة حياته.. وليس أمام الشاب عند الاختيار سوى الاعتماد على خبرة وذائقة أمه أو أخته.. وليس أمام الفتاة لقبول العريس سوى موافقة الوالدين.. ثم قد تحصل نظرة شرعية يكون فيها الشابان غارقين في الارتباك لا يكادان يشعران بالمحيط حولهما ناهيك عن أن يمعن أي منهما النظر في الآخر.. وبعدها تكون الخطبة ويسمح (أحياناً) باللقاء الهاتفي يتبعه عقد النكاح (المِلْكَة) فيُسْمَح بالالتقاء في مجلس أهلها وبحضور أخيها (أحياناً).. وفي مجتمعنا لا تتجاوز المدة بين الملكة والزواج بضعة أيام.. خشية من أن يؤدي طول اللقاء الهاتفي أو الالتقاء في المجلس إلى ما لا يحمد عقباه.
* في مرحلة الخطبة ثم الملكة وقبل الدخلة الكل يقدّم أزهى صورة.. فالشاب يلعب دور القناص والفتاة تلعب دور الفريسة.. وبعد الزواج كل يكشف غطاءه ويصبح الميدان هو الحكم.. فقد يتحول القناص إلى فريسة وتتحول الفريسة إلى قناص.
* في مثل هذه العتمة الكاملة.. ماذا يجب على الفتى والفتاة معرفته حتى يُضيئا طريقهما وكيف يمكنهما البحث عنه واستقصاءه؟.. ومن ثم كيف يتم اتخاذ القرار النهائي بالإقدام أو الإحجام قبل عقد الملكة.. تقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: «النكاح رق النساء.. فلتنظر المرأة عند من يكون رِقُّها».
* الزواج تفاهم مشترك يقود إلى تأسيس أسرة يشترك الزوجان في رعايتها وحمايتها.. لذلك تصف كل المجتمعات الزوجين بشركاء حياة.. والخطأ أو الصواب الذي يقع فيه أي منهما هما شريكان فيه مقداراً وعمقاً.. فهما في العلاقات الزوجية السوية شريكان متساويان متكافئان متكاملان.. هنا تبرز الحاجة إلى التأكد من أن الشريك القادم هو الشخص المناسب.
* وبما أنه مسموح في فترة الخطوبة بالحديث الهاتفي فهي فرصة لكلا الطرفين أن يكتشف شريكه القادم.. لم لا وقد قال الحكيم القديم: (تكلم كي أراك).. والاستكشاف لا يكون إلا بالأسئلة.. وخصوصاً أن الآراء والأحكام والقصص والحكايات من الطرفين خلال مرحلة الخطبة سوف تكون في مجملها عموميات بعيدة عن التفاصيل.. وكلنا يعلم أن المشاكل تكمن في التفاصيل.. فما هي محاور الأسئلة الواجب طرحها.. وما هي مجالاتها.. وكيف يتم ترتيب طرحها.. وما هي التفسيرات المحتملة للإجابات المقدمة.. إلخ.. نواصل حديثنا الأربعاء القادم إن شاء الله.