نفخر كثيراً بأن لنا خصوصيتنا في كافة المجالات، يأتي في قائمة ذلك، ولي الأمر، كل امرأة تفخر بأن لها ولي أمر تباهي به في المحافل، يدافع عنها ويتصدر المواقف مقاتلاً في سبيل مكانتها وكرامتها.
هذا الولي يقوم على شؤونها ويهتم بأمرها ويضيء لها أصابعه شموعاً ويقدم لها عينيه لتفترش جفناً ويكون الآخر رداء يدثرها.. ومن هذا المنطلق فعلى المرأة أن تستأذن وليها وتكون قيد عينيه ورهن إشارته وأن لا تسير إلا وهو برفقتها، ذهاباً وإياباً تماماً كطيور “الكناري” إن كانا زوجين..
حسناً هذا أمر جميل يضمن التوافق والانسجام والهدوء والنماء في كافة العوائل على اختلاف أحجامها مهما تعدد أفرادها، فالنساء في كل موقع وتحت كافة الظروف ينعمن بالحب والأمان وبتحقيق الأحلام..
لكن الواقع للأسف لا يقر ذلك، فليست أحوال النساء واحدة وليست ظروف الأسر نسخة مكررة طبق الأصل، المشكلة أن ثمة نساء يعانين الأمرين بسبب فقدان ولي الأمر وبعضهن سببها ولي الأمر ذاته..
على سبيل المثال يحدث أن يرتبط الزوج بأخرى عدا زوجته، ثم يتجه إليها بكل ما يملك مادياً ومعنوياً ليكون حال زوجته الأولى واحداً من أمرين: إما الاستسلام والنكوص والتردّي، ومن ثم التعرض لكافة المتاعب والاضطرابات النفسية بسبب القهر والظلم، الأمر الآخر المتوقع هو التمرد وانفجار الأوضاع بينها وبينه وربما يصل الأمر إلى العنف والجريمة.
لماذا ننادي بضرورة وضع النقاط على الحروف وإيجاد حلول لإنصاف المرأة التي هي مدرسة الأبناء والركن الأساسي في الأسرة والتي بدونها يصبح هذا الكيان مهدداً بالتشتت والضياع؟!
نكرر نداءاتنا لأن الكثير من أمور المرأة مقيدة بموافقة ولي أمرها: إصدار جواز السفر، التصريح بالسفر، هذا غيض من فيض ولعل قائلاً يقول: ولماذا السفر؟ ألا يوجد أمور أهم من ذلك؟ لماذا تطالبين بإطلاق المرأة في هذا الجانب؟!
لنتخيل فقط أن امرأة قد تركها زوجها معلقة، إما لأنه تزوج أخرى أو لأنه قام بطلاقها لكن لم يصدر ورقة رسمية بذلك؟ وبما أن المرأة لا تملك إثباتاً على انفصالها منه أولا تملك الكثير من شؤونها بدون إذنه فستبقى مقيدة داخل الوطن تماماً كالممنوعين من السفر لأسباب قانونية؟ ولو بقيت على هذه الحال لسنوات طوال قد تصل إلى ثماني أو عشر سنوات أو أكثر.
هل فكرنا في ذلك؟ هل طرحنا ذلك للرأي العام للمناقشة واقتراح الحلول؟ هل أوجدنا حلولاً عاجلة وقتية للمرأة لحين صدور تشريعات وقوانين محددة واضحة معترف بها من قبل الجهات الرسمية؟ هل وضعنا قانوناً يحمي كرامة المرأة ويصونها من القهر والظلم أو الضياع؟ ويضمن لها حياة أكثر استقراراً وأماناً؟
نعم شغلَنا هذا الموضوع كثيراً وأشبعناه بحثاً ونقاشاً لكن لم يغادر بعد مرحلة المناقشات والمداولات، ولازلنا قيد الانتظار.