|
الجزيرة - الرياض:
أكدت مصادر مصرفية أن بعض البنوك السعودية قد بلغت حدودها القصوى الداخلية لإقراض الشركات، الأمر الذي يمثل مشكلة كبيرة لاسيما لشركات العقود الحكومية والإنشائية التي تتطلب تمويلاً كبيراً لمشروعات البناء. وهذا يدفع بعض الشركات نحو الصكوك.
وتم تنفيذ ثلاث صفقات صكوك هذه السنة إحداها صفقة بقيمة 1.3 مليار ريال من مجموعة بن لادن السعودية للإنشاءات وأخرى بقيمة 1.3 مليار من شركة المراعي لمنتجات الألبان وثالثة بقيمة 7.5 مليار من شركة صدارة للكيماويات وهي مشروع مشترك بين أرامكو السعودية وداو كيميكال.
في الوقت نفسه تنطوي الصكوك على مزايا للشركات. فهي عادة تكون أطول أجلا مقارنة بقروض البنوك السعودية وتسمح للمقترض بتنويع مصادر تمويله.
وبعد أن كان نمو سوق السندات في السعودية متأخرا عن باقي قطاعات الاقتصاد على مدى سنوات بدأت السوق تنتعش مع إقبال الشركات السعودية على إصدار أدوات الدين مع أن العوائد المنخفضة تجعل المستثمرين الأجانب يحجمون.
وتعتمد الشركات والكيانات السعودية عادة على قروض البنوك والأرباح المستبقاة لتمويل التوسع. ولذلك يعتبر المتعاملون في أسواق الدين أن السعودية أكبر اقتصاد في العالم العربي فرصة لم تستغل بعد.
وفي الأشهر الأخيرة بدأ النمط يتغير إذ أصبحت السندات مألوفة للشركات وأصبح العديد من المستثمرين يطلبونها ووصلت البنوك إلى الحدود القصوى لإقراض الشركات.
وأدى هذا إلى طفرة في إصدار أدوات الدين بالريال السعودي. وكل الإصدارات في السعودية تأتي في صورة سندات إسلامية (صكوك) تلتزم بتحريم الفائدة وتقدم بدلا من ذلك عوائد على الأصول.
وقال ستيوارت يور الشريك في شركة كليفورد تشانس للاستشارات القانونية في دبي «كانت هناك نظرة للسعودية على أنها مارد نائم في أسواق رأس المال الإقليمية لكن هذا تغير بالتأكيد في الأشهر الثمانية عشر الماضية إذ رأينا صعودا لإصدارات الصكوك بالريال.»
ولا تزال القروض المصرفية تنمو بوتيرة متسارعة في السعودية بفضل النمو الاقتصادي القوي. فقد زاد إقراض القطاع الخاص 15.6 بالمئة عن مستواه قبل عام ليصل إلى 1.02 تريليون ريال (272 مليار دولار) في فبراير شباط الماضي.
لكن الصكوك تنمو الآن بوتيرة أسرع من ذلك بكثير. ففي العام الماضي تم إصدار صكوك بالريال بقيمة 27.2 مليار ريال وفقا لبيانات اتش.اس.بي.سي ارتفاعا من 11.3 مليار في 2011. وفي الربع الأول من هذا العام تم إصدار ما قيمته 10.3 مليار ريال.
وقال لرويترز فهد السيف رئيس قسم أسواق رأس المال وتمويل الشركات في اتش.اس.بي.سي السعودية «من بين أهم المزايا العديدة للصكوك أنها تتيح الاستفادة من كم هائل من السيولة وتنويعا لمصادر التمويل.»
وفي ظل حث الجهات الرقابية في السعودية للشركات على تعزيز الشفافية أصبحت تلك الشركات تدريجيا أكثر استعدادا للإفصاح عن البيانات اللازمة لإصدار الصكوك. وأصبح المصدرون أكثر ارتياحا بعد أن صارت هذه الأداة مألوفة في السوق.
وأرجع ستيوارت يور تاريخ طفرة الصكوك إلى إصدار ناجح في يناير كانون الثاني من العام الماضي نفذته الهيئة العامة للطيران المدني بالمملكة بقيمة 15 مليار ريال.
ومن بين المقترضين الذين قد يدخلون السوق الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري حسبما أفادت به مصادر في السوق وشركة مرافق التي تقدم خدماتها لمدينتين صناعيتين في المملكة والتي أكدت أنها تدرس إصدار صكوك.
في غضون ذلك تحرص صناديق الاستثمار وشركات التأمين السعودية - وبعضها غني بالسيولة بفضل الازدهار الاقتصادي - على وضع الصكوك في محافظها وهي مستعدة للقبول بعوائد منخفضة على تلك الصكوك مما يجعلها أداة جذابة للمقترضين.
ويعتقد السيف أن السوق ستستفيد إذا استطاعت السعودية تأسيس وكالة محلية للتصنيف الائتماني تفهم الأوضاع الداخلية بالبلاد..
وفضلا عن نمو سوق الصكوك السعودية من حيث الحجم تزداد السوق تطورا وتنتقل الصفقات من الصيغ الأساسية إلى صيغ أكثر ابتكارا.
وقال السيف «رأينا عددا من الابتكارات في سوق الدين المقومة بالريال من بينها زيادة في عدد المصدرين الذين لا يحملون تصنيفا وصكوك هيئة الطيران المدني التي ضمنتها وزارة المالية وصفقات تعزيز رأسمال البنوك وصكوك المشروعات.»
وتابع «في الفترة المقبلة قد نرى إصدارات لأجل سبع أو عشر سنوات وقد نرى آجالا أطول لصكوك تمويل المشروعات.» وتبلغ آجال الصفقات الحالية في السوق عادة خمس سنوات أو أقل.
وقال السيف إنه يتوقع أن يرى في المدى المتوسط مزيدا من صيغ الصكوك الهجين التي لها بعض خصائص الأسهم لأنه ليس لها تاريخ استحقاق.
فالمملكة لا تسمح للأجانب بالشراء مباشرة في السوق الأولية فضلا عن أن السوق الثانوية ضعيفة للغاية إذ إن مبيعات الصكوك تذهب إلى نحو 20-30 مستثمرا محليا في المتوسط أغلبهم يحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق حسبما يقوله السيف لرويترز.
لكن المشكلة الرئيسية تتمثل في أن العوائد على الصكوك المقومة بالريال منخفضة مقارنة بما يمكن للمستثمرين الأجانب أن يحصلوا عليه في الأسواق الدولية.
ومازال المعروض المحلي من الصكوك أقل بكثير من الطلب لذلك تتهافت الصناديق السعودية العازفة عن المخاطرة - والتي تحجم عن الاستثمار في الخارج بسبب تقلبات الأسواق العالمية - على شراء هذه الصكوك وتقبل بمعدلات ربح منخفضة.
وقال مستثمر إقليمي في الصكوك «بالرغم من أن الفوائد السائدة في سوق النقد هي التي تحدد معدلات الربح إلا أن ندرة الإصدارات المقومة بالريال تقلص الهامش بمقدار 30-40 نقطة أساس إضافية.» وتم تسعير صكوك شركة صدارة التي صدرت في الآونة الأخيرة وأجلها 16 عاما بهامش 95 نقطة أساس فوق سعر الفائدة المعروض بين بنوك السعودية لأجل ستة أشهر مما يجعل معدل الربح أقل من اثنين بالمئة.
في المقابل سعرت الشركة السعودية للكهرباء - أكبر شركة مرافق في منطقة الخليج - شريحة صكوك دولارية لأجل عشر سنوات بقيمة مليار دولار في السوق الدولية الشهر الماضي بمعدل ربح 3.473 بالمئة وهو عائد أكثر جاذبية