خلال الأسبوعين الماضيين جاءتني مكالمات مـن كل وسائل الإعلام المحليّـَة؛ المقروءة والمرئيـة والمسموعة تدعوني للمشاركة في الاحتفاء بمناسبة «الذكرى الثامنة لبيعة خادم الحرمَيْن الشريفين».
اعتذرت ليس لعدم اقتناعي بأهمية المناسبة، بل لعدم رغبتي بأن يكون رأيي مُجرَّد ملء لمساحة إعلاميَّة ضمن آلاف المحتفلين.
كلّهم -بلا شكَّ- يحتفلون بمشاعر صادقة.. ولكن التأطير الإعلامي يذكرني بمفردة «الصخب»، التي نهانا عنها كم يهمّه البناء بهدوء قبل أن يهمه الغناء! ثم؛ الموضوع بالنِّسبة لي أهم من عبارات إنشائية مرصوصة في مقالة أو منظومة في قصيدة.
والموضوع أكبر وأجدر بالاحتفاء من مساحة الثماني سنوات!!
لعلِّي واحدة ضمن قلّة نخبة محظوظة من نساء الوطن تعرفن على الرَّجل الفذ الذي تحتفي به هذه المناسبة وهو ما زال وليًّا للعهد يدير أمور الوطن ويتلمس قضاياه بمقابلة أبنائه المعنيين بهمومه وبرغبة بنائه وحل مشكلاته. ولا أشكّ أنّه قابل العديد من المواطنين المتخصصين ليبحث معهم احتياجات ضمان مستقبل الوطن وبنائه بعيدًا عن عشوائية القرارات السَّريعة بمنطق مواجهة الأزمات.
يومها في اجتماع جاد بعيدًا عن صخب الإعلام وأضوائه ونرجسياته سألنا عمَّا نعايشه كنساء في واقع المرأة كل في موقعها التخصصي. أوصلنا إليه تفاصيل ما نعايش دون رتوش وأصغى لمرئياتنا حول ما نراه حلولاً تزيل التباسات علاقة المرأة بالمواطنة وتسمح لها بالقيام بدورها كاملاً في بناء الوطن. وردد ثقته بأن كل الأمور ستتحسن وكل الحقوق والطموحات ستنال في وقتها الملائم الذي يضمن نجاحها مضيفًا: «وتواصوا بالحقِّ وتواصوا بالصبر»
يومها قالت لي نفسي: الحمد لله كل ما عايشته في هذا اللِّقاء يبشر بالخير!
هنا رجل لا ينطلق من احتفاليات الصخب!! قائد يالفطرة يؤمن بإستراتيجيَّة التَّخْطِيط الصحيح بدئًا بالخطوة الأولى وهي تحديد وجهة السير وهدف التطوير والبناء المستقبلي والتأكُّد من المعطيات والموارد وتدارس الوضع والهدف مع الخبراء لتحديد الممكن تحقيقه في إطار الزَّمَان والمكان بعقلانية واضحة.
تفاءلت جدًا.. وقد أثبتت الأيَّام والسنون صحة مشاعري.
بعدها تولى الملك عبد الله قيادة دفَّة الوطن متوجًا بلقب خادم الحرمَيْن الشريفَيْن وحاملاً مسؤولية تحقيق وعوده لنفسه وللمواطنين ومن ضمنهم المواطنات.
مرَّ أكثر من عقد ونصف من ذلك اللِّقاء وثماني سنوات من البيعة وتشرّفت بالسَّلام عليه أكثر من مرة في مشاركاتي بالحوار الوطني وكان آخر سلام يوم تشرفت بأداء القسم بعد أن شرّفنــا بتكليفــنا بعضوية الشورى.
وبين ذاك اللِّقاء الأول واليوم تحقَّق الكثير والحمد لله.
عايشت، من موقع المتخصصة في التَّخْطِيط للمدى الطويل، والمهتمة بالتنمية والمواطنة المَحَبَّة للوطن، الكثير من المنجزات التي ما زالت مستمرة.. وما زال هناك الكثير من أحلام أبي متعب لتعديل أوضاع الوطن والمواطنين.
يتبع..