|
شقراء - عبدالله المقحم:
تحتل شقراء مكانة هامة في منطقة الرياض من خلال ما تتميز به من أهمية تاريخية وموقع استراتيجي، وما تزخر به من مواقع تراثية وسياحية وبيئية جعلتها من الوجهات الرئيسية في المنطقة.
وبالإضافة إلى ما يحيط بمدينة شقراء من متنزهات صحراوية جميلة، فقد تضافرت جهود الأهالي لترميم منطقة وسط شقراء التاريخي ليصبح من أهم مواقع الجذب السياحي في منطقة الرياض، وتتميز محافظة شقراء بتاريخها العريق وآثارها الهامة التي تمثلت في الاستيطان المبكر نتيجة للعوامل الطبيعية والبيئية المناسبة للاستقرار. وكشفت أعمال المسح الأثري التي قامت بها الهيئة العامة للسياحة والآثار عن منشآت تعود للعصور القديمة، إضافة إلى مواقع تعود للعصور الإسلامية المبكرة، حيث يمر بالقرب من المحافظة طريق الحج القديم الموصل بين بلاد اليمامة والأماكن المقدسة.
وفي مجال التراث العمراني تحتضن المحافظة أحد المشاريع السياحية والتراثية الرائدة وهي البلدة التاريخية في وسط شقراء والتي تمثل نمط المدن النجدية التقليدية بمساجدها وأسواقها وبيوتها، وأعيد ترميم بعض مرافق البلدة وممراتها ومنازلها ومسجدها القديم من قبل أصحابها وبعض الداعمين من الوجهاء والأعيان، ومن أشهر أحياء شقراء التقليدية «حي الحسيني» الذي يحوي بيوت الوجهاء والتي كانت تستخدم لممارسة الأنشطة التجارية وعقد الصفقات على نطاق واسع، مثل بيت آل الجميح وبيت العيسى، كما تحوي البلدة التاريخية بيوت أهل العلم والقضاة، مثل العلامة أبو بطين والشيخ العبد اللطيف.
كما أن من أشهر البيوت التاريخية في شقراء هو بيت السبيعي التاريخي (بيت المال) الذي بني في عام 1327هـ وكان مقرا لبيت المال في عهد جلالة الملك المؤسس - طيب الله ثراه - ويعد القصر مقراً رسميا في تلك الفترة التاريخية لاستقبال جلالة الملك عبد العزيز أثناء مروره بشقراء أو عند ذهابه للأماكن المقدسة لأداء مناسك الحج، وكان البيت موقعا لتجهيز الجيوش التي تمر بشقراء أثناء مرحلة التوحيد ، بالإضافة لاستقبال الوفود الرسمية.
ويتكون بيت السبيعي من 32 غرفة و يحتوي على مقتنيات تاريخية قديمة،والقصر اليوم يتبع للهيئة العامة للسياحة والآثار ويجهز الآن ليكون متحفاً دائماً يعرض التسلسل التاريخي للمحافظة.
وتتعدد المواقع التراية في شقراء ومنها السور القديم ويرجع تاريخه إلى عام 1232هـ والسور الجديد وتم تشيده في عام 1319هـ ، إضافة إلى أبراج المراقبة على الجبال المحيطة بالبلدة والمرقب الشمالي والجنوبي وبرج السائح ، إلى جانب السد القديم في شرق البلدة عند ملتقى وادي الغدير مع وادي الريمة ، إلى جانب الآبار القديمة مثل بئر الحميضية وسد وادي الريمة والذي تمّ إنشاؤه عام 1390هـ
وتشتهر شقراء بالبوابات الأثرية منها البوابات الرئيسية الثلاث، وهي باب الطلحة وباب العطيفة وباب العقدة وبوابتان ثانويتان باب هداج وباب الثقاب.
وأوضح رئيس مكتب السياحة والآثار بمحافظة شقراء عجب الثبيتي أن المدينة تميزت بالموقع الجغرافي الذي استقطب الاستيطان البشري منذ زمن ، مشيرا إلى ذكر شقراء في العديد من المصادر والمراجع التاريخية.
وأفاد أن بعض الرحالة والجغرافيين العرب كتبوا عن شقراء بأنها قرية عامرة في القرن الثالث الهجري مبيناً الدور الذي لعبته في التاريخ الحديث لقربها من عاصمة الحكم في الدولة السعودية الأولى (الدرعية ) وعاصمة الدولة الحديثة (الرياض). وقال الثبيتي : كانت شقراء قديما ذات مكانة علمية ومالية وتجارية مع سائر أرجاء الجزيرة العربية، إضافة إلى كونها مقراً لتجارة إقليم الوشم.
وبهدف مساندة هذه الجهود والعمل على تأهيل وتطوير عدد من المواقع السياحية والتراثية في المحافظة، فقد حرصت الهيئة العامة للسياحة والآثار على تنفيذ عدد من البرامج والمشاريع المتعلقة بالسياحة والتراث في المحافظة، حيث تم في هذا الإطار الانتهاء من المخطط العام لوسط شقراء التاريخي وتسليم مخرجات المشروع من قبل الاستشاري، كما قام فرع الهيئة بمنطقة الرياض بالتنسيق مع المجتمع المحلي وعقد اجتماع لمجلس الأهالي في بيت آل جميع بتاريخ 13 رمضان 1433هـ، وتم استعراض آخر مستجدات مشروع المخطط العام لوسط شقراء التاريخي، وأيد المجلس مخرجات المخطط العام، وقدم دعما ماليا جيدا لمشروع تأهيل وسط شقراء التاريخي.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار قد أطلق خلال الزيارة التي قام بها قبل نحو عامين لمحافظة شقراء، مشروع «ثمين» الذي يهدف إلى تأهيل مواقع تراثية مختارة لترميمها والمحافظة عليها. وأبدى سمو رئيس الهيئة سعادته بالمبادرات الرائعة من قبل أهالي محافظة شقراء تج اه القرى التراثية، مشيرا إلى أن ذلك ليس بمستغرب عليهم.
وأضاف سمو رئيس الهيئة:» أحيي أهل شقراء على اهتمامهم بالتراث، وأهالي شقراء انطلقوا حول العالم وتعلموا فمنهم التجار والعلماء، واهتمامهم بالتراث يعطي دلائل على أن أهل شقراء مخلصون محبون لوطنهم». وأوضح سموه أن شقراء تمتلك اهمية ومكانة كبيرة تبدأ بأهل شقراء المواطنين الذين يكنون المحبة لبلادهم، ويملكون من الأخلاق والقيم العالية ولله الحمد، ثم موقع شقراء المتميز والتاريخي والذي لعب دورا هاما في نشأة المملكة وتاريخها.
وقد أكد الأستاذ عبدالرحمن الجساس المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والاثار بمنطقة الرياض على أهمية زيارة صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر أمير منطقة الرياض رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة لمحافظة شقراء، وزيارة سموه لعدد من المواقع التراثية فيها، مشيرا إلى أن زيارة سموه ستشمل قصر السبيعي التاريخي الذي تم حاليا أعمال تأهيله ليكون متحفا لمحافظة شقراء، وسيتم إطلاع سموه الكريم على مخرجات المخطط العام لوسط شقراء التاريخي، كما سيتفضل سموه بافتتاح متحف السالم بأشيقر.
ونوه إلى أن محافظة شقراء من المحافظات التي اهتمت الهيئة بتطوير المواقع السياحية والتراثية فيها، مشيدا بجهود الأهالي في ترميم بلدتهم التراثية وحمايتها ودعم جهود المحافظة عليها.
وأشار إلى أن الهيئة بالإضافة إلى مساهمتها في إعداد المخطط العام لوسط شقراء التاريخي وترميم بيت السبيعي التاريخي وتجهيزه ليكون متحفاً دائماً يعرض التسلسل التاريخي للمحافظة، فقد قامت بجهود أخرى لتحفيز النشاط السياحي في المحافظة، حيث قامت بالإسهام في أعمال لجنة التنمية السياحية التابعة لمجلس التنمية السياحية بمنطقة الرياض والذي يرأسه صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض حيث تعمل هذه اللجنة على متابعة الأعمال المتعلقة بالسياحة والآثار في المحافظة، كما دعمت الهيئة بعض منظمي الرحلات السياحية لتنظيم رحلات لشقراء وأشيقر، وقدمت دعما فنيا لمهرجان شقراء التراثي الذي سيقام قريبا.
وأضاف الجساس: وفي المجال التوعوي والمعلوماتي أقامت الهيئة من خلال فرعها بمنطقة الرياض ورشا ضمن برنامج تهيئة المجتمعات المحلية (السياحة تثري)، وعملت على التسويق للوجهات السياحية في المحافظة والتعريف بها من خلال مركز الاتصال السياحي.