إن أي حكم قضائي يصدر في مذنب مهما كانت جريمته هو أرحم مائة مرة من تهمة جاهزة تصاغ عليك وتنتشر في فضاء الإشاعات، دون أن تمنح فرصة الدفاع العادل عن نفسك، ولازال محيطنا الاجتماعي يتناقل في كثير من الأحيان تهما جاهزة لآخرين، دون أن تكون هناك جهة تقول لمن ينقلها ولمن يروجها بدون دليل قف، أو على طريقة إخواننا المصريين كفاية!.
إن المجتمع الذي تنتشر به التهم الجاهزة وبشكل تصاعدي في كل يوم يجعلنا نخاف عليه ونخاف أكثر من المستقبل، فإذا كانت الأمور تدار اليوم هكذا فماذا عن الغد، ولهذا فواجب الجهات الرقابية والعقابية مضاعف، لتشريع أنظمة تحد من ذلك وتعمل على تنفيذها بشكل فعلي على ارض الواقع، وعلى جهات التوعية التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية من أئمة المساجد وخطب الجمعة وغيرها والتابعة لوزارة الثقافة والإعلام من صحف وقنوات تلفزيونية وإذاعية ووسائل تقنية وكذلك التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية لتنفيذ حملات اجتماعية مستمرة، كلها لابد أن تقوم بدور فاعل ومؤثر حتى يبقى مجتمعنا مثاليا وقادرا على الحد من السلوكيات الخاطئة.
وتخيل أن بالإمكان أن تصدر مني بشكل أو بآخر مباشرة أو غير مباشر تهماً جاهزة لمسئول ما أو حتى مواطن أو موظف بسيط، ويتم كتابتها أو بثها بشكل احترافي دون أن يكون هناك إمكانية لمحاسبة من بثها، ويذهب كل شيء وتبقى تلك التهمة وصمة عار لذلك الشخص المجني عليه، فلا هو قادر على مقاومة أمواج تلك الإشاعات ولا هو قادر على محاكمة من روجها، ولهذا نجد أن الكثير من ضعفاء النفوس وعند فشلهم في مهمة ما أو مناسبة كبيرة يلجئون إلى لفت الانتباه ببث إشاعات سلبية على آخرين لإبعاد الأنظار عن فشلهم وهذه مصيبة أعظم لن تجدي معها مسكنات او وسائل توعية وإنما لابد من تدخل جراحي لبتر أي عضو تجاوز كل الحدود من أجل نفسه تحت شعار أنا ومن بعدي الطوفان.
وختاماً فإن الكلمة أمانة والمجتمع ككل أمانة بأيدي قيادتنا وبأيدي مسئولي الوزارات والإدارات الخدمية ومسئولي الوسائل الإعلامية المختلفة وأيضا على كل فرد منا مسئولية مضاعفة لمقاومة كل سلوك خاطئ وأن لا نكون سلبيين تجاه أي قضية لا تخصنا لأن من رمى غيرك بتهمة جاهزة بالأمس قادر أن يصلك ويتهمك بما ليس فيك في الغد، فإن قبلت على غيرك ستجد من يقبل عليك أي اتهام وبدون أي دليل متساهلاً مع من أراد أن يجني عليك، حتى ولو لم تكن مخطئا رافعا شعار «التهمة جاهزة تفضل» ولا حول ولا قوة إلا بالله.