نشرت صحيفة الشرق قبل أيام، دراسة أمريكية، تؤكد على أن دولاً كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة، وبريطانيا، تبدي اهتماماً بالاستراتيجيات السعودية لمحاربة التطرف، والفكر التكفيري، الذي وجد في شبكة المعلومات العالمية «الإنترنت» مرتعاً خصباً للاستشراء، وإغواء الشبان، وتضليلهم.
وقالت دورية «سي تي سي سنتنيل»، التي يصدرها مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الأمريكية في «ويست بوينت»، إن تعاظم شعبية الإنترنت، ودورها المركزي في نشر أيديولوجيا التطرف، والعنف، أديا إلى اهتمام دولي على نطاق واسع بما تقوم به حملة «السكينة» السعودية لمكافحة التطرف المستشري في مواقع الشبكة العالمية. وأضافت، أن: «نجاح الحملة دفع بريطانيا، وأمريكا، والجزائر، والكويت، والإمارات إلى إبداء رغبات في إنشاء برامج مماثلة؛ لتحقيق الغرض المنشود».
هذه النجاحات المتتالية التي أشار إليها الأستاذ نعيم الحكيم في تقريره الصحفي، دفعت دولاً أخرى للاستعانة بتجربة السكينة في مكافحة التطرف الإلكتروني، وكان آخرها: الصومال، وسنغافورة؛ لتنضم إلى قائمة الدول التي استفادت من التجربة، وحققت نتائج مذهلة. فالصومال، التي تعاني من ويلات التطرف، والإرهاب منذ زمن بعيد؛ نظراً لاحتضانها جماعات، ومراكز تدريب متطرفة، بل هي أول فرع من فروع تنظيم القاعدة، وتعدّ محور جماعات التطرف في إفريقيا، رأت أن أحد الحلول لمواجهة الإرهاب، الاستفادة من تجربة «السكينة»؛ لإيقاف الفكر المفضي للقتل، والتدمير.
وعلى الطرف الآخر، تحاول دول في القارة الآسيوية التصدي مبكراً للتطرف، من خلال إنشاء مراكز، ومعاهد لمكافحة الإرهاب، والتطرف، وهو ما جسَّدته جمهورية سنغافورة، حيث استحوذت تجربة « السكينة « السعودية على اهتمام القائمين على المركز؛ لتكون ضمن الركائز التي اعتمدوا عليها في عملهم، بل إن الموسوعة التي قدمها المركز، أفردت فصلاً كاملاً لتجربة «السكينة» السعودية لمكافحة الإرهاب، كأنموذج فريد لمواجهة التطرف.
ما سبق ذكره، يمثل دور المملكة العربية السعودية على مستوى المعالجة المحلية، حين حاربت الإرهاب من خلال خطين متوازيين، هما: المعالجة الأمنية، والمعالجة الوقائية. والأخيرة، هي محور هذا المقال، بعد أن انتهجت حملة «السكينة» أسلوبا فريدا في علاج من اعتنق الفكر التكفيري، وذلك من خلال مواجهة الفكر بالفكر، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوضيح المنزلقات الفكرية، وكشف الشبهات الضالة بانتهاج أسلوب الحوار، والإقناع.
هذا النجاح الذي حققته حملة «السكينة»، كان محل إشادة، وتقدير دوليين. وما أشار إليه رئيس الحملة الشيخ عبد المنعم المشوح، بأن: «من أهدافهم الامتداد العالمي، حيث تم إطلاق النسخة الإنجليزية للسكينة، وسيظهر في نهاية السنة بعدة لغات عالمية بما يتناسب، وأحوال العالم»، هي خطة شاملة، تندرج في إطار الشرعية الدولية، والذي سيكفل بإذن الله القضاء على الإرهاب، وصيانة حياة الأبرياء، وفق إستراتيجية تكافح الأفكار المتطرفة بشكل عام، وهي بلا شك نقلة نوعية في مسار مكافحة الإرهاب، أثبتت جدواها منذ الشهور الأولى لانطلاقتها.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية