* منذ عدة عقود؛ ونحن نحارب على ثلاث جبهات داخلية. أعداء ثلاثة يتداخلون ويتقاطعون في نقاط ظلامية مغرقة في الغموض. هذه حقيقة.
* لم يكن الإرهاب وحده؛ هو العدو الوحيد الذي كنا وما زلنا نواجهه، حتى وإن شغل ذهنيتنا بعض الشيء؛ عن الالتفات إلى ما يوازيه خطورة على المجتمع بكافة فئاته.
* كان الإرهاب وما زال؛ عدواً لدوداً يتطلب منا المزيد من الجهد لاستئصاله، وكان معه وما زال؛ الفساد المالي والإداري، الذي أنهك القوى، وفت في عضد التنمية والبناء والعدالة الاجتماعية.
* وإلى جانب الإرهاب والفساد، كنا وما زلنا في مواجهة شرسة كذلك مع المخدرات، التي تستهدف شباب الأمة، وتهدد حاضرها ومستقبلها.
* هذه ثلاث جبهات ساخنة، لحرب ضروس لا هوادة فيها. قرارات الدولة وما اتخذته من مواقف حازمة ضد هذا الثلاثي البغيض؛ لا تكفي وحدها لكسب المعركة. المجتمع بكل فئاته؛ مطلوب منه بداية؛ الوعي بخطورة أن يكون من بين أفراده؛ من يعتنق الأفكار المتطرفة، ويتعاطف مع شيوخ التطرف، ويدعم هذا التوجه المدمر على كافة المستويات، وأن يقف بحزم مع دولته في مواجهة هذا كله بكل ما أوتي من قوة، لمصلحته ولمصلحة أبنائه ومستقبله وأمنه واستقراره.
* والمجتمع نفسه، مطالب بالتماهي مع كافة الإجراءات والقرارات الصارمة، التي تبناها خادم الحرمين الشريفين (الملك عبد الله بن عبد العزيز) حفظه الله، لمواجهة الفساد بشتى صوره، واستئصاله، والقضاء عليه، وهي التي بدأت بتكوين الأطر الإدارية والرقابية على أعلى مستوى، وصولاً إلى قراراته الأخيرة- رعاه الله- في شأن الأراضي السكنية، التي سوف تتحول بموجب ذلك؛ من منح على أراضٍ ترابية نائية على أطراف المدن، لا ماء فيها ولا كهرباء ولا طرق ممهدة، إلى مجمعات سكنية مطورة، تحقق حاجة الذين لا يملكون مساكن مدعومة من الدولة، في مدن حديثة مخدومة، فيها كافة البنى التحتية المتوجبة للسكن والحياة، وهي ضربة جديدة بيد (عبد الله بن عبد العزيز)، على هامة الفساد الذي كان ينخر في المجتمع من بوابة (منح الأراضي)، بعد أن تحولت عن مسارها وأهدافها، إلى تجارة رابحة، وسوق رائجة، لذوي النفوذ والمتمكنين من جمع عشرات المنح باسم واحد، أو عدد من أسماء العائلة الواحدة..! فتمددت باسمها (الشبوك)، التي زاحمت المدن، وابتلعت الطرق، وشلّت المرافق، وعطّلت المصالح العامة والخاصة.
* على المواطن أن يدرك أنه مثلما هو المستفيد الأول من هذه الإجراءات التي تسعى لمحاصرة الفساد المالي والإداري على كافة مستوياته، فهو وفي مقام أول؛ مسئول في التعاطي مع هذه الرؤية التنظيمية الجديدة، بروح وطنية جديدة، للوقوف مع الدولة ضد كل فساد وفاسد، حتى يجني هو قبل غيره، ثمار النصر على كل فساد وفاسد.
* مواجهتنا مع المخدرات- دولة ومجتمعاً- لا تقل أهمية وخطورة عن مواجهتنا مع التطرف والإرهاب، ولا تقل عن مواجهتنا مع الفساد الذي هو أساس كل بلاء يحل بالمجتمعات. ترويج المخدرات ونشرها بهذه الصورة التي نسمع بها ونقرأ عنها بين وقت وآخر، هو كارثة حقيقية تحيط بنا، وتهدد شبابنا، وتتطلب منا استنفار كافة الجهود الفردية والمجتمعية الممكنة، لمؤازرة جهود رجال الأمن في هذا الاتجاه. إن نشر وترويج المخدرات والمسكرات، هو صورة بشعة أخرى للفساد، الذي لولاه لما تمكّن المتسللون المروجون لهذه السموم القاتلة، من الوصول إلى أوساط المجتمع، وإذا وصل الأمر بهم إلى غرس مصانع إنتاج لهذا البلاء في بؤر هنا وهناك؛ فهذه طامة الطوام، وكارثة الكوارث، حيث يجب أن نُستنفر بكلنا لدعم الجهد الأمني، والمساهمة في درء الخطر عن شبابنا وشاباتنا، أن يصبحوا لقماً سائغة لهؤلاء التجار الجشعين البشعين.
* كل تطرف وجنوح للإرهاب؛ هو في أساسه فساد من نوع ما في التركيبة الفكرية لدى شريحة محددة من المجتمع، وكل تصنيع وترويج ونشر لمخدر، هو في أساسه فساد في تركيبة إدارية ومالية، وكل رشوة أو سرقة من مال عام، هي في أساسها فساد وخلل في التركيبة الإدارية.. الفساد الإداري والمالي هو رأس كل بلاء سواء كان تطرفاً فكرياً أو فساداً أخلاقياً على أي طريقة كانت.. إن الفساد الأخلاقي للأفراد، يهون إلى جانب الفساد الإداري والمالي العام، لأنه نتيجة لا سبب، ولأنه قد يحاصر في منطقته، ويحصر على أصحابه، فلا يعم كما يعم الفساد الإداري والمالي.
* لقد خصصت وزارة الداخلية وجهات رقابية أخرى؛ قنوات كثيرة للتواصل معها، والإبلاغ عن أي ظاهرة تضر بأمن الوطن ومواطنيه، ومن ذلك ظاهرة التطرف وتهييج الناس، وكذلك عمليات التزوير والرشوة والسرقات من المال العام على أي صورة كانت، وما يظهر بين وقت وآخر من ترويج لمخدرات ومسكرات، وعلى المحبين لوطنهم، الغيورين على دينهم ومجتمعهم، أن يتعاونوا مع هذه الجهات، فيسارعوا إلى الإبلاغ فوراً على هذه القنوات المتاحة، وهي لم تعد مجهولة، وإنما يصل إليها كل من رغب بكل سهولة.
H.salmi@al-jazirah.com.saalsalmih@ymail.com