في الماضي كان يتردد بين الحين والآخر أن مجلس الشورى قد يطرح موضوع تغيير موعد الإجازات الأسبوعية للنقاش ضمن جلساته، وكان البعض يعتبر قيام المجلس بالموافقة على طرح مثل هذا الموضوع للنقاش يعد خطوة هامة وإنجازا كبيرا،
إذ إنه من المواضيع التي كانت تعد في يوم من الأيام غير قابلة للنقاش، بل هو من المسلمات التي لا يقبل الحديث عنها، فضلا عن طرح توصية ما بشأنها.
وفي كل مرة يقترح مناقشة مثل هذا الموضوع كان يقابل بالرفض القاطع وعدم القبول، وقد كانت آخر مرة يقوم المجلس برفض هذا الموضوع في ابريل العام الماضي، وفي كل مرة يطرح الموضوع للنقاش تسود الشارع السعودي حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض، مثله مثل العديد من المواضيع التي يتم طرحها بين حين وآخر ولم تحسم حتى الآن.
وقد أكد الاقتصاديون والمختصون أن موضوع تغيير أيام الإجازة من الخميس والجمعة لتصبح الجمعة والسبت له فائدة كبيرة على الاقتصاد الوطني لتوافقه مع إجازات الدول المجاورة، كما سيتوافق مع معظم دول العالم وسيقلل الفارق في أيام الإجازة ليصبح 3 أيام بدلاً من 4 أيام في السابق، كما أشار مختصون أيضاً أن الوحدة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي لا يمكن تطبيقها في الوقت الذي تختلف فيه مواعيد الإجازة الأسبوعية، خصوصا وأن السعودية تملك أكثر من 65% من الكتلة الاقتصادية، وقد كانت آخر الدول التي غيرت أيام الإجازة الأسبوعية الرسمية عمان والكويت ولم يتبقى سوى السعودية، ويشير بعض الاقتصاديين إلى أن مواصلة العمل بأيام الإجازة الحالية يخلق فارقا كبيرا جدا في القطاع المالي ويساهم في خسائر بمليارات الدولارات للاقتصاد السعودي.
من جانب آخر يعتبر البعض أن في تحويل أيام الإجازة مخالفة شرعية لا يجب الوقوع بها، إذ إن فيه تشبها بغير المسلمين الذين يتخذون من يوم السبت عطلة أسبوعية رسمية لهم، وقد أفتى البعض بعدم جواز هذا التغيير لما فيه من تشبه باليهود والنصارى في عطلتهم الأسبوعية، في حين عد البعض مثل هذا الرأي من المغالاة وأنه فهم خاطئ وأن لا خلاف شرعياً فيه، فالعبرة بيوم الجمعة وهو يوم العطلة الرسمي أما الخميس أو السبت فهي أيام تضاف إلى اليوم الرئيسي، في حين ينظر البعض إلى أن الصورة لا تزال غير واضحة حتى الآن، فالموضوع ليس سهلاً أو بسيطاً، بل هو يمس مجتمعاً فيه الملايين من البشر، وأن الأمر يحتاج إلى دراسة اقتصادية واجتماعية وتوازن بين المصالح والمفاسد كما اعتبر البعض أن هناك لبسا إعلاميا وقع بهذا الشأن، فما تم الموافقة عليه من قبل المجلس ليس إقرار تغيير الإجازة بل طرح هذا الأمر للدراسة فقط، وهو الأمر الذي صدرت بشأنه موافقة 83 عضوا مقابل معارضة 41 عضوا ، في حين أن الموافقة على التغيير لم تحصل بعد.
وعلى الرغم من أن قرارات مجلس الشورى لا تملك السلطة التنفيذية بل هي محصورة في إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة والتي تحال إليه من رئاسة مجلس الوزراء ومناقشة التقارير وتقديم الاقتراحات بشأنها، وسواء كانت التوصية بالموافقة على تغيير الإجازة أو على دراسة تغيير الإجازة فقط فهذا يعد أمرا إيجابياً وخطوة نحو الأمام ودفعة نحو التغيير المأمول في دور المجلس لطرح قضايا تمس المجتمع بشكل مباشر، فهناك العديد من القضايا التي مازال البعض يخشى من الخوض فيها خوفاً من التغيير ويعتقد بأنها من المسلمات التي لا ينبغي المساس بها أو حتى مناقشتها فضلا عن اتخاذ قرار بشأنها.
إننا نعيش اليوم عصر التغيير والتطوير فكل ما حولنا يتغير ويتجدد، ونحن في حاجة ماسة إلى دراسة ما هو أنفع وأصلح لمجتمعنا ولا يتعارض مع ديننا ومبادئنا وأن نعيد النظر في كثير مما يرتبط بشؤون حياتنا، وأن يكون مجلس الشورى هو نقطة الانطلاق لقيادة هذا التغيير من خلال ما يتم طرحه ومناقشته وتقديم التوصيات بشأنه لكثير مما يعاني منه المجتمع اليوم من قضايا تعد لدى الكثير من المسلمات التي لا يمكن السماح بتغييرها.