|
د.عبد الله المغلوث :
وأخيرا أصبح الذهب في الأحساء، لقب تاريخي سجله نادي الفتح في مسيرته.. إنجاز وإعجاز.. طالما انتظره أهالي مدينة الأحساء وعشاق الفن الأزرق.. عقودا من الزمن, ولكن بجهود وتضامن ودعم وتضحيات رجالات النادي الأحسائي العريق أصبح الحلم حقيقة .. وتوج النموذجي بطلا لدوري زين بكل جدارة واستحقاق بعد أن تخطى حواجز المستحيل وأثبت أن مع الإرادة الفولاذية, والإدارة الواعية يتحول المستحيل إلى جدار قصير يمكن تجاوزه بالتخطيط والتنظيم والعزم والفكر المستنير, ولأن الإنجاز الفتحاوي الكبير شهد تفاعلا إعلاميا واسعا واهتماما كبيرا, فقد نشرت بعض الصحف معلومات عن تاريخ تأسيس النادي ورموزه, وحيث إن المعلومات التاريخية التي ذكرت جانب بعضها الصواب, خاصة ما أثير حول هوية المؤسس الحقيقي للنادي, وأحببت وعبر منبر الصحيفة الرائدة (الجزيرة) التي تهتم بشموليتها ومهنيتها وأمانتها بالحقائق الدامغة ونشرها.. أن أؤكد أن المؤسس الحقيقي ووفق الوثائق الرسمية هو والدي (أحمد داوود المغلوث)-رحمه الله - وليس كما ذكر أنه الأستاذ خالد الصويغ الذي سبق أن رأس النادي.. ويدعم صحة ذلك.. ما ذكره الاستاذ صالح الذكير المهتم بالشأن التاريخي حيث ذكر في كتابه المعنون « رواد في الذاكرة»- 2011م ، أن الشيخ أحمد داوود المغلوث هو مؤسس نادي الفتح، وأيضاً التقرير التاريخي الذي أعدته مجلة الشرق ونشر في 10 فبراير عام 1997م, عن مسيرة النادي واستضافت الأستاذ عبد الرحمن النغموش الذي أعد كتابا تاريخيا عن الرياضة في الأحساء وهو أحد محبي نادي الفتح ومن الرعيل الأول للنادي, فقد ذكر أن مؤسس نادي الفتح هو (أحمد بن داود المغلوث) يرحمه الله حيث كان النادي يسمى باسم هلال المبرز عام1373هـ وكان مقره بيت مؤسسه أحمد المغلوث ذلك المقر الذي استأجرته فيما بعد وزارة المعارف ليكون مدرسة بالمبرز وكان رئيس (هلال المبرز) أحمد المغلوث -رحمه الله- يتطلع إلى لّم الفرق الرياضية في لعبة كرة القدم من الحواري، وتحديدا في أحياء مدينة المبرز وإيجاد فرق رياضية كبيرة تشرف المبرز حيث كانت له نظرة ثاقبة بأن الرياضة هي محور الشباب وتطلعاتهم وتجمعهم بما يخدم هذا الوطن, وكانت أحياء المبرز التي اهتم بها (المغلوث) هي حي السياسب الذي ينتمي إليه بالإضافة إلي حي العيوني والشعبة والقديمات والعتبان في الوقت الذي لم تكن فيه ثقافة الرياضة موجودة بل معدومة. ونائبه الأديب عبد الله بن أمد الشباط كانت له نظرة واسعة في رؤية الثقافة الرياضية في المجتمع, وكان لاعبوه آنذاك عبد الهادي السلطان وإبراهيم النغموش والعميد المتقاعد عبد الله المغلوث واللواء عبد العزيز الرسن والضابط المتقاعد عبدالله المقهوي يرحمه الله وكان ذلك أيام أول مدير شرطة للأحساء سالم شوقي يرحمه الله وبعدها تغير اسم النادي إلى مسمى (شباب المبرز) عام 1378هـ بواسطة مجموعة من محبي لعبة كرة القدم في مدينة المبرز وقد توالت على عضوية النادي قبل تأسيسه الرسمي العديد من الأسماء الأستاذ سعد الماص كان آنذاك موظفا بمكتب العمل وعضو وأمين صندوق النادي, ثم الأستاذ عبدالهادي المهيني كان آنذاك موظفا بأرامكو والأستاذ خالد عبد الوهاب الصويغ كان آنذاك موظفا بكاتب العدل, والعميد المتقاعد أحمد الماجد كان آنذاك ضابطا بالدفاع المدني بالأحساء, الأستاذ عبدالله بن محمد العبدالقادر كان يعمل آنذاك بالأمن العام ثم بمديرية الزراعة, الأستاذ حمد القطينة كان آنذاك صاحب حملة داري ينقل الحجاج من الأحساء إلى مكة والعكس, الأستاذ محمد عبد اللطيف العفالق رحمه الله كان آنذاك موظفا ثم مديرا للجوازات بالأحساء, وكان عدد اللاعبين آنذاك محدودا وبإمكانيات مالية وإدارية متواضعة, ولكن بهمم عالية لا تعرف المستحيل.. غدا نادي الفتح ناديا من الأندية الرياضية التي يشار إليها بالبنان, وكان مكان ممارسة الفريق للعبة كرة القدم, خارج دراويز المدينة أي القريبة من المزارع, وفي حي يسمى (حي الشروفية) هناك الملعب, ورغم بعد المكان إلا أن حبهم للعب, ثم لفريق (شباب المبرز) وحبهم لبعضهم البعض كان ينسيهم ذلك المشوار الطويل ذاهبين وآيبين, وينسيهم أيضا لهيب الشمس الحارقة أو شدة البرد القارس وكان من أبرز لاعبي الفريق آنذاك: عبد الرحمن المخايطة, وعبداللطيف بوسبيت, وعبدالله العبدالحي, وفالح الدوسري وأخوه عبدالله الدوسري, وأحمد المنتاخ, وعبدالعزيز النغموش, وعبدالرحمن الخضير, وسعد الشعيبي رحمه الله, وغيرهم أما الفريق الثاني فهو فريق الهلال وقيل عنه فريق (المنتصر) ومن رؤسائه الأستاذ عبدالرحمن بوسبيت الذي كان يدعمه المؤسس أحمد بن داوود المغلوث, وكان ملعبه هو الآخر خارج دراويز مدينة المبرز غرب عين الحارة بأمتار (وعلى أرض مدرسة الحسن بن علي حاليا) ومن أبرز لاعبيه آنذاك إبراهيم الصويغ, عبدالرحمن النينياء, محمد الجبر, حسن الصليبي, فهد الضمن, ناصر العبدالحي, ولكن سرعاا اختلف رؤساء (فريق الهلال) فانحل زمامه, وتفرق لاعبوه فبعضهم انضم لفريق شباب المبرز, والبعض الآخر عزف عن اللعب, ولكن (فريق شباب المبرز) تابع مسيرته الرياضية بمبنى متواضع وإمكانات محدودة, واقتصر نشاطه الرياضي, على اللعبة الوحيدة هي كرة القدم شأنه في ذلك شأن بقية أندية المملكة, وكان رئيس الفريق آنذاك يوصي أحد اللاعبين على القيام بتدريب الفريق تدريبا مهاريا, أما هو فيقتصر دوره على تقسيم اللاعبين إلى فريقين (أ) و (ب) للعب فيما بينهم وكذلك من مهماته متابعة اللعب وكان عدد اللاعبين آنذاك (35 لاعبا) ولم يتوقف دور الرئيس عند هذا الحد بل كان ينسق بين فريقه (شباب المبرز) وفريق أرامكو في الأحساء لإقامة مباريات معهم, وتارة مع فريق أرامكو في بقيق, وكان الرئيس واللاعبون يتغلبون على مشقة السفر باستئجار سيارات الأجرة ثم يعودون بالسيارات مرة أخرى إلى مدينتهم مدينة المبرز.
في العاشر من شعبان 1388هـ أصدرت رعاية الشباب التابعة لوزارة العمل والشئون الاجتماعية القرار رقم (776) الذي تم فيه اعتماد النادي, وأطلق عليه اسم (نادي الفتح) واختيرت ألوانه, وهي (الأخضر والأزرق والأبيض, ويعد نادي الفتح من أوائل أندية المملكة التي تم اعتماد اسمه وألوانه من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب, وأول رئيس بعد اعتماد النادي من الرئاسة العامة لرعاية الشباب هو الأستاذ أحمد بن صالح حمد المقهوي (الكويتي) وكان يعمل آنذاك في الأمن العام بالدمام ثم انتقل إلى الأحساء وقد أمضى في فترة الرئاسة أحد عشر عاما, ثم تلاه إبراهيم بن عبد الله بن راشد الصويغ حيث كان يعمل آنذاك مديرا لشئون الموظفين بهيئة مشروع الري والصرف, ثم تلاه ناصر بن فهد الرزيحان الذي كان يعمل آنذاك مديرا لمكتب الضمان الاجتماعي بالأحساء وجاء هذا بتزكية من أمير الأحساء محمد بن فهد بن جلوي بناء على طلب من سمو الرئيس العام من رعاية الشباب آنذاك فيصل بن فهد رحمه الله حيث كان النادي يمر بأزمة مالية وإدارية فتدخلت الرئاسة بتعيين الرزيحان إلا أنه لم يدم طويلا حيث أثناء ذهابه بعد مرور سنة إلى الرياض ضمن وفد لحضور اجتماع مؤتمر رؤساء الأندية في المملكة حصل حادث مروري أثر على أحد ساقيه ثم استقال, ثم بعد ذلك عبد العزيز بن علي بن سليمان الفوزان الذي كان آنذاك مديرا للهاتف السعودي بالأحساء حيث استمر لبضع سنوات وقدم استقالته ليتفرغ لإكمال دراسته الجامعية بالانتساب في جامعة الملك عبد العزيز بجدة, ثم تلاه بعد ذلك الأستاذ حمد عبد الله بن محمد الشهاب أحد التربويين ومدير لمدرسة الهداية بالمبرز, في خلال هذه الفترة كان الرئيس الفخري للنادي عبد الله بن عبد الرحمن الرشيد الذي يعتبر أحد التربويين ومديرا لمعهد المعلمين بالأحساء آنذاك وكانت له اليد الطولى في متابعة مشاريع ومبنى النادي لدى الرئاسة العامة للشباب وكان يرافقه في رحلاته إلى الرياض للاجتماع والمتابعة عبد الرحمن النغموش رحمه الله أحد الفنيين بإدارة التعليم, ثم تلاه بعد ذلك المهندس سعد بن حمد المنصور الذي يعتبر آنذاك مساعد لرئيس بلدية الأحساء ثم تلاه بعد ذلك رجل الأعمال عبد المحسن بن عبد العزيز آل جبر الذي كان الداعم القوي لهذا النادي ثم جاء المهندس حمد بن علي الاحليبي حيث يعتبر آنذاك مديرا بالمدينة الصناعية بالأحساء, ثم تلاه بعد ذلك رجل الأعمال والوجه الاجتماعي المعروف خاد بن عبد الوهاب الصويغ ولمدة ثلاث فترات متتالية وقد حقق أثناء رئاسته بطولة الدرجة الأولى في بطولة الدرجة الثانية وأصبح ضمن أندية الدرجة الأولى في كرة القدم في العام الذي يليه, ثم جاء بعد ذلك رجل الأعمال المهندس إبراهيم بن عبد الله العفالق رحمه الله الذي قفز بالنادي قفزة كبيرة ووضعه في أولويات أهدافه الرقي بالنادي بمختلف أنشطته وجلب الداعمين من مختلف المنطقة, ثم خلفه بعد ذلك رجل الأعمال المهندس عبد العزيز بن حسن بن عبد الله العفالق الذي بدعمه وحضوره ومتابعته ومؤازرة اللاعبين إلى أندية المحترفين وأصبح نادي الفتح ضمن أندية الأضواء الذي كان تطمح إدارة النادي منذ 50 سنة للوصول لهذا الملتقى وكان كذلك بدعم مجلس الإدارة الحالي والداعمين له الأثر الطيب في الحصول على هذه البطولة, وكان المجلس الجديد الذي اعتمد أخيرا وهم الأستاذ حمد محمد العبد القادر, الأستاذ عبد الله بن عيسي الحمر, الأستاذ أحمد بن راشد بن سعد الراشد, الأستاذ سعد عبد العزيز العفالق, الأستاذ وليد بن سليم السليم, الأستاذ إبراهيم بن حسن الشهيل, الأستاذ أحمد بن عبد المجيد العيسى, إبراهيم بن محمد الدوسري, عبد العزيز بن عبد الرحمن العمران, إلا أنه لولا وقوف كبار الداعمين وأعضاء الشرف ورئيس هيئة وأعضاء لما وصل النادي لما هو عليه الآن, أما عن مقر النادي فلم يكن له مقر واحد فقد كان في أول الأمر في منزل أحد اللاعبين وهو عبدالله الدوسري بشارع الموسى ثم استأجر النادي منزل سالم بن سعد بوهيا بالقرب من قصر صاهود ولكنه كان صغيرا ,ثم استأجر النادي منزل عبدالعزيز أو صالح القنبر في السياسب في حي (شلاع) ونفس الأمر كان المنزل غير صالح للاستئجار, ثم استأجر النادي منزل عبدالرحمن الشهيل بالحزم, ومنزل فهد الحادي بالحزم, ثم انتقل واستأجر منزل عبد اللطيف بن أحمد المغلوث رحمه الله,واستمر مقر النادي به فترة لا بأس بها وكان مبلغ استئجاره زهيدا لأن الإيجار كان يدفع من اشتراك اللاعبين ومقداره (ريالان) للمستطيع, أما غير المستطيع فلا يؤخذ منه, بالإضافة إلى ما يدفعه أعضاء مجلس الإدارة والمدربون, وشيئا فشيئا ارتفعت قيمة استئجار المنزل حتى بلغت عشرة آلاف ريال وفي ذلك الوقت لا يستطيع الإداريون واللاعبون سداد المبلغ, لكن التضحية وحب النادي دفعهم إلى توفير المبلغ من الاشتراكات ومن جيوبهم الخاصة لأن بعضهم كان موظفا وفي رئاسة الأستاذ أحمد الكويتي (المقي) كانت عنده سيارته الخاصة واسمها (سي) ومن حبه وعشقه للنادي قام بصبغ سيارته بألوان النادي (الأخضر والأبيض والأزرق) بالإضافة إلى أنه كان ينقل بسيارته اللاعبين من مقر النادي إلى الملعب في حي الشروفية, وكان يساعده قائد الكشافة (سعد الفرج) سيارة اسمها (لوري) وقد صنع لها صندوقا من الخشب فكان ينقل رئيس النادي واللاعبين إلى القرى الشرقية والشمالية, وفي عام 1403هـ منحت الرئاسة العامة لرعاية الشباب نادي الفتح قطعة أرض في شمال المبرز التي أقيمت عليها المنشأة الحديثة فتبرعت شركة الراشد آنذاك مبلغا وقدره (50 ألف ريال) وكذا شركة الجبر تبرعت بمبلغ (50 ألف ريال) وكذلك شركة أبناء أحمد المغلوث بالإضافة إلى مجموعة من أهالي المبرز المعروفين ومن هنا وهناك تجمع لدى أعضاء مجلس الإدارة حوالي (400 ألف ريال) ومن هذا المبلغ تم بناء المقر النادي وتأثيثه, وبناء ملاعب لكرة القدم, وكرة السلة، وكرة اليد, وكرة الطائرة, ولعبة الكاراتيه, ولعبة تنس الطاولة, قبل أن تشرع الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتنفيذ هذا الصرح الحالي, وهذا الكلام موثق ومنقول تاريخيا من مصادره الأولية ومنهم الرياضي المخضرم عبد الرحمن النغموش.
وأخيرا أتمنى من المهتمين بالتاريخ الرياضي توثيق تاريخ الفتح كما يجب وحفظ حقوق رموزه ورواده الذين بنوا هذا الصرح الرياضي العريق طوبة.. طوبة.. وحبات العرق كانت تنسكب من على وجوههم.. فكلمة مؤسس كبيرة لها معايير وضوابط لا تنطبق إلا على صاحبها, والتاريخ أمانة قبل كل شيء