|
مكة المكرمة - خاص بـ(الجزيرة):
جاء الإسلام كاملاً متكاملاً في جميع جوانبه، صالحٌ لكل زمانٍ ومكان، وما المشكلات التي تُواجه المجتمعات الإسلامية إلا ضعفٌ من قِبل أفرادها في تطبيق تعاليم الإسلام وتوجيهاته، وهو ما استغله البعض كثغراتٍ ينفُثُ منها سُمومَه، ويُلقي من خلالها الشُبهات، مرتدياً رداء التوجيه والإصلاح، وهو أبعد ما يكون عنهما - ولنا في قضايا المرأة والتعليم الشرعي والخلافات المذهبية... إلخ - خيرُ مثال، ولا يخفى على كل ذي لُبٍّ عاقلٍ سوء نية وخبث أطماع هؤلاء من شتى التيارات، وهو ما يحاربه الناصحون الغيورون ذبّاً عن الدين وحُرماته وسداً لأطماع هؤلاء.. اثنان من الدعاة يقدمان الحلول العلاجية للتصدي لهؤلاء وردِّ كيدهم.. فماذا قالا؟!
مراكز الرصد والبحث
يقول الشيخ محمد بن مرزا عالم، عضو الدعوة والإرشاد بمكة المكرمة.. لهذا الدين كماله وعزّه ونصره وإن المستقبل لهذا الدين بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل، وهذا ما يُقلِق أعداء هذا الدين الذين لا يزيدهم عزّ الإسلام إلا ذلاّ ولا قدحه بظنهم إلا عزاً ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره.. ولهم في ذلك أساليب كثيرة ومناهج عديدة ومجالات متنوعة ينفذون من خلالها لتحقيق مآربهم وأهدافهم كيداً في الدين وأهله.
والواجب على أهل الحق الأغيار المنافحة عن دين رب العالمين والمدافعة لجهد هؤلاء وهذا نوعٌ من الجهاد في سبيل الله تعالى ولربما كان في بعض الأحوال من أوجب الواجبات وأعظم أبواب الأجور والثواب، كما ويعدّ في المقابل عدم العناية بذلك نوعاً من خذلان هذا الدين وحرماناً لهذا الباب العظيم من الأجرِ منه سبحانه وتعالى.
ومن هنا كان من المناسب بيان بعض ذلك الواجب تعاوناً على البرّ والتقوى وإرشاداً إلى سبيل رب العالمين ومن ذلك ما يلي:
أولاً: العناية بمعرفة الجهد المبذول من قبل هؤلاء حتى يتسنى تصور مدى وحجم هذا الكيد ضدّ الإسلام وأهله، ولتحقيق ذلك يمكن إقامة مراكز الرصد والبحث والدراسات ودعمها للكشف عن تلك الشبهات والرد عليها بما يناسب، والإفادة من الأحداث العالمية اليومية لبيان محاسن هذا الدين في مقابل ذلك، وإقامة الملتقيات والندوات واللقاءات والمؤتمرات وغيرها مما يعني تفعيل بيان منهج هذا الدين في هذه الحياة، والمحافظة على أبناء الإسلام من الانحراف والاغترار بمثل تلك الدعوات المشبوهة، مع تأهيل دعاة متخصصين في الرد على مختلف الشبهات كلٌ بحسب موضوعه، والحذر من الممارسات غير المسؤولة والتي تعطي صورةً عكسية عن هذا الدين، وإعداد الدراسات المعاصرة بمختلف اللغات في بيان محاسن هذا الدين وكماله وصلاحه للبشرية على مرّ الأزمان ومختلف البلاد.
ثانياً: العمل على المنافحة والنصرة لهذا الدين ولتحقيق ذلك يمكن توزيع الأدوار بين مختلف المؤسسات والمنظمات الإسلامية في جميع دول العالم، والعناية بتوجيه الرأي العام نحو القضايا الكليّة، والعناية بدراسة مقاصد الشريعة وتأصيلها علمياً ودعوياً وميدانياً دعوةً وممارسةً، والحذر من الانشغال عن الأهداف الأساسية وسرقتها، وتنويع الأطروحات والأفكار والمشاريع والبرامج الدعوية، والعمل على كسب المواقع الجديدة في مجالات الدعوة والحرص على المحافظة على رأس المال الاجتماعي والبرامجي، ودراسة القوانين الدولية وبرامج حقوق الإنسان والإفادة منها في الدفاع عن الإسلام، والتركيز على فتح المراكز والمعارض للتعريف بالإسلام، وتوسيع دائرة المتعاطفين والمعجبين بهذا الدين، وتفعيل المؤسسات والمنظمات الإسلامية، والرد على الدعوات المشبوهة، والرد على أصحاب المذاهب المنحرفة والتي تشوّه الدين والإسلام وأهله وبيان عدم تمثيل أمثال هؤلاء للإسلام، وبيان العقيدة الصحيحة وسماحة هذا الدين، والتحذير من الممارسات والعقائد المنحرفة والتي تشوّه صفاء هذا الدين، والعناية بالمجامع الفقهية ومراكز الدراسات في مختلف الدول تأسيساً وتفعيلاً، وإضافة المقاصد الشرعية العليا في الخطاب السياسي، وحل المشكلات الفكرية والخلافات الفقهية في المجتمعات الإسلامية حتى لا تطغى على الساحة العامة للمجتمع المسلم، وتثقيف الصحفيين والإعلاميين ومؤسسات الإنتاج الإعلامي لإبعادها عن كل ما يُمكن أن يسيء إلى الإسلام وأهله، والعناية بالقضايا الكلية العامة والتي تمثّل الشعائر للإسلام ومجتمعه، وعمل الدراسات التاريخية لتنقيح ما قد يشوب الكتابات التاريخية من أحداث لا تمثل الإسلام في صفائه ونقائه.
ثالثاً: تأهيل الدعاة وتدريبهم، ولتحقيق ذلك يمكن العناية ببرامج إيمانية وعلميّة تُعنى بتفسير روح التعاون والمودة والإخاء بين الدعاة، وعناية الدعاة بأنفسهم وتجديد عهدهم وتجاربهم الدعوية بالقراءة والإفادة من تجارب الآخرين، والعناية بدراسة القواعد والضوابط الشرعية بمختلف الأبواب مما يُكسب الدعاة قوةً في الطرح وعنايةً بالشريعة ومنهجها، والعناية بجانب البناء وبيان المعروف وإظهار الحقّ ونشره وتحبيب الناس فيه، وبثّ روح التعاون بين الدعاة إلى الله، والتأهيل العلمي والتقني والدعوي للعاملين في هذا المجال، والإفادة من كل الطاقات والشخصيات المؤثرة، والسعي إلى جمع الكلمة وتآلف القلوب بين العاملين في هذا المجال، والبعد قدر الإمكان عن منهج التصادم والمعارك الفكرية، العناية بالجانب الأخلاقي في تربية الدعاة وتأهيلهم. ولعل من شأن مثل هذه المقترحات والبرامج أن تحقق نوعاً من الجهد المدروس وقياس رجع الصدى لها مما يعني تحقيق تقدمٍ في مختلف الميادين والمجالات.
ولا شك أن رائد ذلك كله وأصله الإخلاص لله تعالى حتى تنال تلك الجهود نفحات توفيق رب العالمين للعبد وربّ عملٍ كبيرٍ تصغّره النيّة ورب عملٍ صغيرٍ تكبّره النيّة وليس للإنسان إلا ما نوى.
كشف المندسين
ويشير الدكتور محمود بن محمد المختار الشنقيطي عضو الدعوة والإرشاد بالمدينة المنورة على الدعاة والناصحين المشفقين على أمتنا التسلح بسلاح العلم الشرعي المؤصل بالفهم العميق للكتاب والسنّة والمؤطر بفقه الواقع ومقاصد المرحلة التي نعيشها وهذه ثلاثة أسس: الفهم عن الله سبحانه وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وفهم طبيعة المرحلة وما تقتضيه وتتطلبه الدعوة اليوم في خطابها وأهدافها وأولويات ذلك، والأخذ بحظ وافر من مقاصد الشريعة العامة فيتسع صدر الداعية وأُفقه للخلاف ويتعامل معه تعاملاً شرعياً يجنبه كثيراً من الشطط والغلو أو ما يقابله من التنازل وتمييع الدين، إضافة إلى معرفة سنن الله سبحانه وتعالى الربانية في قدره وكونه التي لا تتغير ولا تتبدل مع كل الأنبياء والدعاة والمصلحين {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} (23) سورة الفتح {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا } (43) سورة فاطر، من التدرج والرفق والصبر والتربية بالأحداث والربانية وغيرها لأنها سنن وقوانين ونواميس شرعية كونية لايمكن للداعية ولا للمصلح إغفالها ولا التحرك بعيداً عن استصحابها ووضعها أمام عينيه دائماً وقياس دعوته بناء على القرب والبعد والأخذ والترك لهذه القوانين والسنن الربانية، مع أهمية التركيز على المحكمات في الحوارات وعند طرح القضايا والجدل فيها، فنقدم المحكم على المحتمل المشابه ونقدم المتفق عليه على المختلف فيه، والكلي على الجزئي، وهكذا وفق سلم الترجيحات المعروفة في علم أصول الفقه والجدل والحوار، والتذكير دائماً بكشف المندسين المنافقين الطابور الخامس في الصف المسلم وفي المجتمع، بفضح خبث نواياهم وتبيين أجندتهم كما قال الرب سبحانه في مقابلة إرادة هؤلاء مقابل إرادته العظيمة {... وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا} (27) سورة النساء، وكذلك المراهنة في المرحلة القادمة على الشباب والنشء بوضع برامج جادة لاحتضانه وتربيته تربية إسلامية وسطية تستفيد وتطوع التقنية ليخرج ابنا صالحاً معتزاً بالإسلام وقيمه، مع أهمية إبراز جانب حاجة الناس للعبادة والتأله والعبودية الخاصة لله تعالى في محراب الطاعات، وتعظيم شأن أهل العلم في نفوس الناس العامة والشباب بخاصة وحفظ حرمتهم وتناول الخلاف معهم بأدب لا يلغي منزلتهم وفضلهم وسبقهم وفهمهم ودورهم، والحرص على العلم الجماعي المؤسسي والمل على تنويع كادره والاستفادة من كل الطاقات والتقنيات في سبيل إبلاغ الدعوة إلى الله تعالى والرقي بخطابنا الدعوي حتى يصل إلى مستوى العالمية التي هي من سمات هذا الدين العظيم.