بعد مضي أكثر من عامين على تطبيق نظام ساهر المروري توصلت إلى قناعة راسخة بأن أغلب من يقعون في براثن ساهر هم قائدو المركبات الذين لا يلجؤون للتحايل والبحث عن الأساليب غير النظامية، فنتيجة زيادة أحدهم لسرعة مركبته بكيلوات معدودة عن السرعة المحددة توقعه في المحظور. والدليل على صدق هذه الفرضية أن المنضبط لا يمكن أن تسجله كاميرات ساهر عند الإشارة الضوئية داخل المدينة.
من يفلتون من عيون كاميرات ساهر الراصدة في طرقات المدن وعلى الطرق السريعة قلة من الملتزمين بالسرعة القانونية. وأشك أن أحداً قد أفلت من عيون ساهر على مدى أكثر من عامين إلا إذا كان لا يملك سيارة أو يستخدم سيارات الأجرة في تنقلاته داخل المدينة وفي سفرياته بين المدن أو يركب سيارة عتيقة لا تقوى على السير السريع. قد يسهو الملتزم بالسرعة خصوصاً إذا كان في طريق طويل يصل بعض الأحيان إلى ألف كيلومتر تمت زراعته بالكاميرات الرابضة على جنبات الطريق.
المتهورون ومن يقودون مركباتهم برعونة لا تؤذيهم وحدهم وإنما تمتد أذيتها لغيرهم، هؤلاء يفلتون من تسجيل المخالفات عليهم بقرار من عند أنفسهم، فغالباً ما يتدبرون أمورهم بكثير من الحيل والخدع والابتكارات غير النظامية، وما أن تكتشف أجهزة المرور أسلوباً من تلك الأساليب وتكثف حملاتها للإطاحة بمن ينتهجونه إلا ويسارعون باستخدام أسلوب آخر قد يكون أكثر إخفاء للمخالفة من سابقه. في البداية استخدموا جهازاً لكشف ساهر، وحال الإطاحة بمجموعات منهم تفننوا في اختراع حيل جديدة مكشوفة للناس إلا عند نقاط التفتيش فإنهم يوقفون سياراتهم قبل أن يصلوها لإزالة ما وضعوه على اللوحات، أو يعيدون تركيب اللوحات إذا كانت منزوعة من أماكنها.
إذا كنت مسافراً على أحد الطرق السريعة ستلاحظ بوضوح حيل المتهورين، بعضهم يضع الطين على اللوحات، وبعضهم يقوم بثني طرف اللوحة كي لا تظهر إلا نصف الأرقام والحروف، أو يضع لاصقاً على نصف اللوحة حتى لا ترى عيون كاميرات ساهر إلا بنصف عين، وتبقى السيارة مجهولة كونه لا يظهر في هذه الحالة إلا بعض الأرقام والحروف. المتهورون لا يكتفون بالسرعة الجنونية بل يهددون حياة كل مرتاد للطريق بالتجاوز من اليمين أو الخروج عن المسار الأيسر حتى يثور الغبار ويحجب الرؤية أمام السائقين وهو ما يؤدي في الغالب لوقوع الحوادث الشنيعة التي يروح ضحيتها الأبرياء.
ساهر ومن اللحظة التي طبق فيها بشكل محدود وبكاميرات محمولة على السيارات قبل تركيب الكاميرات الثابتة منذ ذلك الحين قسم المجتمع إلى قسمين. القسم الأول يؤيد تماماً تطبيق النظام، ويرى فيه خلاصاً من التهور والحوادث وطريقاً للانضباط المروري بشرط سلامة التطبيق ومعالجة السلبيات. أما القسم الثاني فيرى أنه نظام جباية أموال وطبق بصورة سريعة ويجب إعادة النظر فيه بالكامل.
قبل أكثر من عامين دار بيني وبين اللواء عبدالرحمن المقبل حديث حول ساهر وسلبياته على إثر مكالمة تلقيتها منه على خلفية مقال كتبته هنا في الجزيرة بعنوان “مرور الرياض مثالي بعد عامين” ونشر في 15-3-1432، وأذكر وقتها أنه قد وعد بدراسة السلبيات التي طرحتها وطرحها غيري من الكتاب ليكون ساهر في وضع أفضل، واليوم بعد مضي هذه المدة من الزمن لا زلت أطالبه وهو المواطن الغيور المخلص بمزيد من التطوير لهذا النظام ليرى بكل العيون بدلاً من نصف عين.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15