طالعت خبر وتصريح مسؤول عن أسف حكومة المملكة العربية السعودية للتصريحات الصادرة عن كل من الأمين العام للأمم المتحدة وعن نائبه رئيس المفوضية الأوروبية والممثلية العليا للاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، والمتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان للأمم المتحدة وعدد من الجهات والهيئات الأجنبية حول تنفيذ حكم القضاء في العاملة المنزلية السريلانكية التي قامت عن سابق إصرار وتصميم بقتل طفل رضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر خنقاً حتى الموت وذلك بعد قدومها للمملكة بأسبوع تقريباً، وهو الطفل الوحيد للعائلة التي تعمل لديها، وما تضمنته هذه التصريحات من معلومات خاطئة حول القضية دون التثبت من الظروف والملابسات المصاحبة لها.
وقد طالعت باهتمام مقال الكاتب سلمان بن محمد العُمري بجريدة الجزيرة تحت عنوان (الآن المملكة تحترم قضاءها؟) بعددها 14788، وقد أحسن الكاتب في سرده وأفكاره المرتبة ووطنيته وحسن نيته.
وإني بدوري أخاطب أمين عام هيئة الأمم المتحدة السيد بان كي مون مستغرباً هجومه على دولة احتضنت تسعة ملايين مقيم من شتّى الجنسيات المختلفة في العالم، وقام قائد مسيرتها خادم الحرمين الشريفين معلناً داخل قاعة الجمعية العمومية للهيئة بنيويورك بإعلانه بتكفل المملكة بربع ميزانية صندوق فض المنازعات الدولية.
وما مساعدات المملكة الإنسانية اللا محدودة لجميع دول العالم حال تعرض تلك الدول لكوارث دون مقابل أو أطماع سياسية أو مالية إلا دليل على ذلك.
ثم إن دولة كالمملكة ذات سيادة قضائية مستقلة، من العيب والسوء التدخل بشؤونها، فالمملكة ترفض تسييس القضاء بشتّى صوره، وذلك مما لا يخفى على أمين عام الهيئة بأن تلك إحدى ركائز واستقرار الدول، فاستقلالية سلطة القضاء أهم عوامل استقرار الدول.
ثم أليس من الأحرى توجيه تصريحاتهم فيما يحصل من جرائم الإبادة الجماعية لأطفال المسلمين في بورما وأفريقيا وأفغانستان، حيث الصواريخ الغربية التي تبيد الأخضر واليابس، والحي والميت، وما نراه من تدمير وقتل لأرواح بريئة في بلاد الشام أكبر دليل على تغاضي أولئك المنتقدين.
ولقد أحسنت المملكة العربية السعودية خيراً بتطبيق دستورها وشريعتها على المواطن والمقيم، كلٌ على السواء، فمن أراد العيش والسلم والإفادة والاستفادة، فالوطن فتح أبوابه ليحولوا المليارات لبلدانهم من المملكة، ومن أراد العبث والإخلال بأمنها وحمل أجندات شريرة، فإن السلطة التنفيذية والقضائية ستقف في وجوههم كائنا من كان، ولا أحد فوق القانون.
وكم كان حرياً بأولئك الذين أصدروا تلك التصريحات أن يعرفوا ويتذكروا قدر المملكة وجهودها في سبيل الصلاح والإصلاح، والسلام العالمي، لكن هناك عوامل وأيد خفية خبيثة تحركهم، وهو تصريح ضمني لمعاداتهم شريعة الإسلام التي لا تساوم عليها حكومة المملكة البتّة.
قال الله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (120) سورة البقرة.
وأخيراً، أشكر الكاتب سلمان بن محمد العُمري على طرحه الجميل وفكره العميق، وآمل من الكُتاب رد التهمة بالحجة، ودحض الافتراءات وزيف الأقوال بإظهار دور المملكة الفعال والمشاركة في قضايا الصلح وفض المنازعات، داخلياً ودولياً، والتأكيد على استقلالية قضاء المملكة، وأن لا أحد فوق القانون، وهو ما يؤكده ولاة أمر هذه البلاد في المحافل الداخلية والدولية.
عبدالعزيز بن حمود المشيقح - عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم