«نأسف لا نستطيع خدمتك الآن».. عبارة عطل يصيب أجهزة الصرف الآلي التابعة للمصارف، ربما بقصد أو بغير قصد! خاصة نهاية كل شهر! ويتعطل على أثرها تعاملاتك المرتبطة بحاجتك للمال مع ضياع وقت طويل بالوقوف في طابور دون الوصول لشيء من نقودك المدفونة في عمق تلك الكتلة الحديدية.. تمض أيام معدودة من الشهر وإذا برسالة تأتيك على الهاتف المحمول تزف بشرى خصم 2.5 ريال من الحساب ذيلت برسوم إرساليات يتضح فيما بعد أنها ناجمة عن انخفاض الرصيد عن ألف ريال.
لماذا تستقطع «بعض» المصارف وهي تطلق على نفسها «إسلامية» رسوماً على الأرصدة المنخفضة التي لا يتضرر منها سوى أصحاب الدخل المحدود، رغم منحها ـ أي المصارف ـ امتيازات لا تعد ولا تحصى لا من مؤسسة النقد ولا من صاحب الحساب الجاري نفسه الأمر الذي يعود عليها أرباحا سنويا عالية، نظراً لاستفادتها من فوائد الحسابات الجارية التي تتجاوز الـ 70% من إجمالي الودائع لديها من ناحية، وعدم وجود مصاريف تشغيلية من ناحية أخرى، إضافة إلى الفوائد التي ربما تجنيها جراء تعطل الصرافات الآلية نهاية كل شهر نظير عدم استخدام صرافتها الآلية من قبل حاملي بطاقات صراف لمصارف أخرى وبقاء الرواتب التي يصل حجمها إلى المليارات أكبر مدة ممكنة.
إنه من غير المنطق أخذ رسوم على الحسابات المنخفضة، بهدف «لوي» ذراع العميل كي يحافظ على رصيده فوق 1000 ريال، لأن إنزال النظام على أهل القلَّة أشبه بالعقوبة.. والسؤال هنا: لماذا لا يحق للعميل أيضاً محاسبة المصرف على تعطل صرافاته الآلية ومنعه من سحب نقوده في الوقت الذي يريد؟. المبررات التي تطرحها المصارف باسم عمولات ورسوم خدمات بنكية غير مقنعة وغير واقعية ولا تقارن بحجم الضرر الذي يواجهه صاحب الحساب الجاري خاصة من ذوي الدخل البسيط الذين يعتمدون على الأرصدة في بعض المصارف بعينها بهدف سداد المستحقات العامة، علماً أن معظم التعاملات التي يجريها العميل حالياً هي إلكترونية ولا تكلف إرساليات أو غيره فضلاً عن كون أغلب التعاملات الحكومية والخاصة من سداد فواتير ورسوم وغيرها باتت تتم وفق الحسابات الجارية.
البعض يرى أن 2.5 ريال لا تعني له شيئاً، لكن المسألة هنا تراكمية لا فردية، فبحسبة بسيطة لو افترضنا أن الشريحة المستهدفة يبلغون 400 ألف عميل فقط فإن إجمالي ما يأخذه المصرف شهرياً منهم مليون ريال، وسنوياً 12 مليون ريال. بعض المصارف -للأسف- تسير وفق تحقيق مصالحها دون تقديم أي تنازلات مقارنة بالامتيازات الممنوحة لها مما يجعلها تنظر بمصالحها بشكل أكبر من مصالح العملاء. ونرجو من مؤسسة النقد «ساما» أن تتدخل وتعيد النظر بمسألة استقطاع رسوم من الأرصدة التي تقل عن 1000 ريال، على غرار منعها أخيراً استقطاع رسوم مقابل إصدار بطاقة الصرف الآلي.. أو أنها تصدر نظاماً يتيح إيقاع عقوبة بحق المصارف التي يثبت تعطل أجهزة الصرف الآلي التابعة لها، وإعطاء العميل حق الإبلاغ عن ذلك ويتم التنفيذ من خلال الفرق التفتيشية المعنية بمتابعة البنوك في «ساما».
a.anazi@al-jazirah.com.sa@alionazi تويتر