|
الدمام - فن:
أكَّد الناقد السعودي محمد الباشا أن تجربة المخرج بدر الحمود في فيلمه سكراب حملت جملة سينمائية لقضايا بحجم كينونة الإنسان حتى تجده يستنزف في غواية القضايا الهامشية للمرأة وتحديداً مشكلة قيادتها للسيارة وقد أظهرها في كامل حشمتها وقدرتها على السياقة، وهذه الغواية لا تمنع من الاستمتاع بجمالية الألم المتدفق في الفيلم عبر شخوصه وظلال القضايا المتشظية والمرصودة بعين المخرج، منوهاً الباشا بأن فيلم سكراب جاء منكراً بدون أن يضع في سياق شياع الكلمة، بل في أبعاد حمولاتها فقد يكون «حثالة، رذالة، فضلة، قصاصة، كسرة، متخلف، نبذة، خردة» والسكراب في عرف الاقتصاديين هو منجم الذهب يعلوه الغبار، لكن أين الإنسان هنا؟ ونحن أمام فيلم أبطاله امرأة وطفلة، لنضيف تعريفاً آخر لـ»السكراب»، إلا وهو الثروة المهدرة، ثروة مهدرة قد تكون متاعاً وقد تكون الإنسان، جاء ذلك خلال القراءة النقدية التي قدَّمها الناقد محمد الباشا حول تجربتي المخرجين بدر الحمود وعبدالرحمن الجراش وأدارها المخرج عبدالمجيد الكناني، ونظَّمها المنتدى الثقافي في جمعية الثقافة والفنون - فرع الدمام.
ويضيف الباشا أن حس الانتماء للكينونة الإنسانية في الطفلة المشاركة في الفيلم تظهر صورة الأب من درج السيارة هذا الأب المسكوت عن سبب غيابه بشاطئ مليء بالقدقدة، ونجدها وهي تتعامل بكل حنو الآدمية فيها مع الإطار الذي رفعته مع إحدى زوايا عالم السكراب والصورة المحمولة معها في تنقلاتها مثالاً صادقاً يهمس بأنها ليست نكرة وأن لها عودة تستظل تأخذها معها لتحرسها من الفضوليين.
وعن تجربة عبدالرحمن الجراش في فيلمه «الشخص الذي لن تراه عابساً قط» رأى الباشا أنه مشروع فيلم من وجهة نظره، حاول أن يبيّن الفيلم على حكاية أسطورة الشخص الذي لا يموت أو الذي لا يكبر ولكنه في ثمان دقائق من الفيلم هو اعتبار سرد طويل فكان باستطاعة الجراش أن يقتصه من الفيلم ولا يتأثر «الفيلم» , كما تحدث الناقد عن جمالية الفيلم بأن جعل المشاهدين كأشخاص مشاركين معه في الحضور؛ بمعنى أن زاوية الكاميرا التي استخدمها جعلنا كمشاهدين من ركاب السيارة، وبين الناقد بأن مشكلة اللوكيشن الواحد تلزم مراحل فنية كثيرة حتى يتم تجاوزها حتى لا يصاب الطرف الآخر «المشاهد» بالملل، وبذلك فضَّل الناقد إعادة صياغة المشروع ليخرج بشكل جيد.
المخرج عبدالرحمن الجراش الذي بيَّن في بداية حديثة أن هذا مشروع فيلم وليس فيلماً متكاملاً كما أقرَّ واتفق بما أورده الناقد من قرأه نقدية لفيلمه، عبر بذلك بأنه بعد إنتاجه للفيلم لاحظ هذا الشيء، الجراش أوضح أن المشكلة في سرد تجربته بأنها كانت سريعة جداً والنص لم يأخذ وقتاً طويلاً في أيام تم كتابته وفي يوم واحد تم تصويره، مبرراً في ذلك أن التسرّع في الإنتاج ليس سبباً إخفاق الفيلم أو فشله، وفي مشكلة يعتبرها الجراش من وجهت نظره في السعودية والخليج «السيناريو» أنه من النادر أن نجد أناساً متخصصين أو محترفين في هذا المجال مما جعل المخرج يتجه إلى كتابة سيناريو بنفسه ويخرج وربما ينتج.
وانصبت العديد من المداخلات حول السينما ووجودها، وإشاد بالمخرجين الشباب الذي وجدوا في المحافل الدولية والمهرجانات والاهتمام الخليجي والعربي بهم، وما تلاقيه هذه الأفلام من متابعة بمئات الآلاف من خلال اليوتيوب، وهذا إثبات من الجمهور بأن الفيلم السعودي أثبت وجوده من خلال الجوائز الدولية والزيارات حول هذه الأفلام.