يبدو أن مقالي (سخرية الهنود بشبابنا) والذي أنهيته بتساؤل (فهل يعي شبابنا مسؤوليتهم؟!) قد أثارت شجون القارئ الكريم صابر منديلي، فدافع عنهم وأكد أنهم يعون المسؤولية والمهام المناطة بهم منذ الثمانينات الميلادية وورثوها لأبنائهم، فشباب اليوم أذكياء ولديهم الحماس والتوقد، ولكنهم يرغبون بالعمل الحكومي لأنه يتبع لأنظمة ولوائح الخدمة المدنية ولا يحبذون القطاع الخاص التابع لنظام العمل والعمال. ورغبتهم في العمل الحكومي لأسباب عديدة منها: أن الدوام سبع ساعات يتخللها وقت صلاة الظهر، وسيتمكن الموظف من توصيل أبنائه لمدارسهم والعودة بهم للبيت بدون الحاجة لسائق خاص، ولديه فرصة للتسوق لاحتياجات البيت، والتواصل مع أسرته، فضلاً عن شمول العمل الحكومي لقرارات تحسين دخل المواطن مع توفر العلاوة السنوية المستحقة بالمدة.

ولكي يقبل شبابنا على العمل بالقطاع الخاص فإنه يلزم التغيير الجذري لنظام العمل، مما سيكون له الأثر الكبير في خدمة الوطن من قبل شبابه وليس من غيرهم. فمنذ السنوات الخمسين الماضية وهذا الوطن يتقدم بجهود الوافدين، وحان الوقت كي نعتمد على شبابنا، إلا أن الأسلوب الحالي المتخذ غير مجد ٍعلى المدى البعيد. فسلوكيات أصحاب المؤسسات الخاصة -برغم أنهم مواطنون- مبنية على أنظمة ولوائح ومعطيات كانت سائدة آنذاك، لذا ينبغي تغييرها والاستئناس بدليل أنظمة ولوائح الخدمة المدنية وإجراءات تنفيذها، والأخذ بدليل تصنيف الوظائف واعتماد مسمياتها في القطاع الخاص، والابتداء باستبدال كلمة (عامل) بكلمة (موظف) فشبابنا لديهم حساسية من هذه الكلمة، حيث المهندس في القطاع الخاص يطلق عليه عامل بينما في القطاع العام يسمى موظفاً. كما ينبغي تنظيم لائحة الإجازات بالقطاع الخاص مع العام وجعلها (36) يوما في السنة، وتوحيد ساعات العمل واعتماد سلم رواتب مطابق لموظفي القطاع الحكومي.

ألا ترين بأنه إذا تغيرت الأنظمة فسيجعل الصحيفة الهندية تتوقف عن السخرية بشبابنا وستضعف شوكة عمالتها، وإنني كمواطن شاب أتلهف للانخراط بالعمل في أي قطاع، وأن الوافد ينتظر إنهاء إقامته بطوعه واختياره بدون مؤثرات قمعية ليبحث عن عمل في دولة أخرى بدون منافسه، وأنني كصاحب عمل أتوق لتوظيف مواطن لن يترك العمل في مؤسستي فور صدور الإعلان عن رقمه في نظام جدارة؟..

ولتنفيذ هذا التغيير نحتاج لعمل جاد وصبر وإصرار وتفاؤل وتشجيع، وقد أرفقت لك صورة من The New Indian Express التي تذكر بأن مسؤول عن التدريب التقني والمهني قال (إن تدريب السعوديين لمقابلة متطلبات العمل يتطلب أربعة عقود).

يقال بأن المبدع الحقيقي هو من يجعل غيره يبدع، وأعتقد أن هذه حقيقة فإن Sir Humphry Davy وهو مخترع الكهرباء جعل توماس أديسون يبدع ويخترع المصباح الكهربائي الذي أنار البشرية كلها.

وفيت وكفيت يا صابر، والتعليق للقراء.