العتب ليس على القنوات الأمريكية التي نقلت خبر ضلوع، الطالب السعودي المصاب في أحداث تفجيرات بوسطن، عبدالرحمن الحربي -شفاه الله- وتورطه في هذه الأحداث، إنما العتب على قناة “العربية” التي نقلت هذا الخبر دون استيضاح وتأكد، وهي تعلم جيدًا حجم تأثير هذا الخبر على الشعب السعودي بشكل عام، وعلى الطالب الحربي بشكل خاص. فالشائعة عندما تنتشر لا يهتم الناس بنفيها، وهذا ما حدث بعد تداول هذا الخبر، بينما نفي الخبر لم يلقَ رواجًا ولا اهتمامًا بين الناس، وهذه طبيعة المجتمعات العربية -تحديدًا- إلا أن قناة بحجم “العربية” تملك أكبر حجم من المتابعة بين العالم العربي، وتقوم بنقل خبر لا يعدو كونه شائعة مغرضة، هذا بحد ذاته “سقطة” كبيرة، من قناة كبيرة تطرح نفسها للمشاهدين كقناة معتدلة!
ولأن انتقادي انتقاد “محب” فلم أتمنَ أن أرى قناة “العربية” بهذه الصورة، عندما تخرج بخبر كهذا وكأنه “بشارة” وكلنا يعلم كم دفعنا من ثمن _ولا زلنا- جراء تورط سعوديين في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وتم وصمنا بهذه التهمة والإساءة لنا في وسائل الإعلام الغربية أو العربية، وكأن تلك الجريمة منسوبة للشعب السعودي كله، وما كانت إلا من -حفنة- إرهابية، اكتوينا بنار جريمتهم، وصار -بعضهم- في الخارج يتعامل معنا، خصوصًا في المطارات وكأننا متهمون يجب أن نُثبت براءتنا، هذا عدا التعقيدات التي أنهكتنا طيلة كل تلك السنوات عند استخراج تأشيرة سفر لأمريكا أو أوروبا، وما أتى الفرج ومعه التسهيلات إلا مؤخرًا، وبعدها وبكل بساطة، شائعة مغرضة لو تم تحجيمها لما انتشرت، ولو لم تنقلها “العربية” لما وصلت إلى كثير من الناس. وإن كانت تلك الشائعة قد آلمت كل سعودي، إلا أن ضررها المباشر على الشاب المسكين، والذي ينوي تغيير مسكنه وقد يضطر إلى تغيير جامعته، وأعتقد أن القانون يخوله برفع قضية على كل من أساء له شخصيًا وقام ببث ونقل وترويج تلك الشائعة حوله!
أيضًا قناة العربية لم تكن سقطتها بث تلك الشائعة فقط، ففي اليوم التالي كان خبر زلزال إيران، وقد تابعته عبر عدد من الفضائيات وكانت تعرض الخبر وتبث حوله تغطية واعية ومدركة بأسلوب منطقي، في حين أتت تغطية العربية بأسلوب مُرعب، بث الخوف في قلوب كل سكان الخليج العربي، نعم كان الزلزال مخيفًا إلا أن القنوات الفضائية والإعلام الواعي عليهم تهدئة الناس لا تخويفهم، عبر مذيعات لبنانيات يقمن بتغطية الحدث بنبرة مهزوزة، وإحداهن من الميدان، تقول لرفيقتها في الاستوديو: “لقد أخلينا مبنى العربية وأخذت كل صور الزملاء الذين لم يغادروا المبنى” وكأنها أخذت الصور للذكرى بإيحاء أن المبنى في دبي سيسقط حالًا!
الإعلام الواعي هو من يقوم بتهدئة الناس عند الأحداث والكوارث، وليس من يقوم بتجييش الناس أو تخويفهم مهما بلغ حجم الكارثة، لأنه في هذه المواقف الخوف لن يحل المشكلة، بل الهدوء والتعامل مع الحدث بوعي حتى يخرج الإنسان بأقل الخسائر.
www.salmogren.net