دائماً تكتسب المجتمعات من الأخرى كلما تقاربت، وتداخلت، وتمازجت..
وكان في البيئات التعليمية في مؤسسات المجتمع عندنا مجال خصب لتنامي هذا الامتزاج, وتحقيق هذا التأثير، وتكوين العديد من عادات, وسلوك، وثقافة التعامل، وفدت مع المعلم، والإداري، والمشرف والخبير, والطالب أيضاً، الذين اكتسبوها وتعاملوا بها..!
إذ في مجتمعنا بعد أن افتتحت المدارس النظامية للبنات بعد البنين في أوائل التسعينات الهجرية، ومعها كان السلك التعليمي مجموعة من الإخوة العرب، ومعهم انتقل النظام التعليمي لمدارسنا، بعد أن كان يؤسِّس للتعليم الأهلي المتنائرة مدارسه في مدن البلاد الكبرى, مثل الرياض، وجدة، ومكة المكرمة, بدأ مع هذه العناصر البشرية انتقال الكثير من ثقافات مختلفة، ومن لهجات عامة، ومن عادات مضافة، وامتزجت داخل المدارس بين الدارسين العادات، والسلوك، وأوجه التفكير، ومفهوم الحياة، وطريقة التعامل,..
ولأن الفرد في هذا المجتمع مثله مثل أي مجتمع بشري آخر قابل لأن يتغيَّر فقد تغيَّر قليلاً، لإذ وجدناه يأخذ بعضاً، ويقنع بشيء, حين رأينا طريقة الدراسة، والمعلم الخاص, والتنافس الحاد، ومعايير التقويم، وطريقة التفكير تطرأ بالكثير من العادات, والثقافات المستحدثة..
كذلك عندما انخرط من الوطن أفراده في سلك المعلمين حدث المثل، بل بدأ صراع التنافس، وكان حاداً حين الحصول على ترقية من معلم ومعلمة إلى جهاز الإشراف، أو الإدارة.., بل عند وضع أسئلة الاختبارات الأساس في مراحل «الابتدائية, والكفاءة المتوسطة, والثانوية العامة», وعند تشكيل لجان المراقبة، والتصحيح، واللجان المركزية, يحمى وطيس المنافسة, وتغلي الصدور بالمشاعر، ويكثر الانتقاد، وتطفو مسالك طارئة على سلوك الفرد،..
من أهم ما لوحظ فيما بعد في المستوى الجامعي أن أسلوب المنافسة, وطرائق التعبير عنها كانت من نتاج الامتزاج، واكتساب الخبرات..
كثيراً ما فكرت فيمن يدرس من مختصي علوم المجتمع، والنفس آثار التمازج في تغيير السلوك الفكري, والنفسي، وخبرات المنافسة، وأساليب التعبير عنها.. وإنهم إن فعلوا فلسوف يجدون آثار الامتزاج، وانتقال ثقافات التنافس، والتعبير عن الذات قد تمازجت بخبرات مختلفة.
هناك الكثير مما ينتقل الآن بفعل التمازج، والاحتكاك، والانفتاح على مستويات أوسع، وأكبر, وأشد فتكاً بالمفاهيم، وأساليب التفكير، والسلوك، بل أشد وطأة، حين تبلغ سياج الأخلاق، والقيم, والدين.
فأين الدارسون، المفكرون, والمحلِّلون، والذين هم البوصلات..؟
إن المجتمعات تتواكب في نهضاتها العامة، مع نهضة البحث العلمي, والمجتمعي المواكب فيها.
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855