في ظني أن حجم المشاريع الحكومية للبنية الأساسية والخدمية التي نفذت خلال السنوات السبع الأخيرة يفوق ما نفذ منذ بدء خطط التنمية في البلاد قبل أكثر من نصف قرن. ولأنه هناك مشاريع نوعية من ناحية أهميتها وتنفيذها مثل جامعة الملك عبدالله وجامعة الأميرة نورة وبعض المدن الاقتصادية،
وإسناد تنفيذ البنية الأساسية لمدينة جيزان الاقتصادية لشركة أرامكو السعودية مثال على القيمة النوعية للمشروع أهمية وتنفيذا.
القرار الذي أصدره الملك عبدالله حفظه الله بتكليف وزارة الإسكان بتولي تطوير مخططات المنح العقارية وتوزيعها على المستحقين من المواطنين الذين أثلج صدورهم هذا الأمر السامي، تصحيح إداري وتنموي وله آثاره المحمودة اجتماعيا واقتصاديا.
وظني أن من أكبر آثاره هو لجم السعار لدى مضاربي وهوامير العقار الذين تلاعبوا بأحلام المواطن الباحث عن منزل صغير - لا يخطر على بال المواطن الحصول على منزل كبير - أو شقة ولو صغيرة تؤويه وأسرته وذويه، فتسمع عن أسعار شقق وليس عن بيوت في بعض نواحي الرياض وكأنها على ضفاف البسفور، عدا عن أسعار فلل تزيد عن مثيلاتها في أوروبا، مع فارق في جودة التنفيذ والمواد لتلك الأوروبية بالطبع، لأنه وللأسف الشديد طغى الجشع فأعمى الذمم لدى بعض تجار العقار والمواطنين ممن يستثمرون في بناء وبيع العقارات، فغابت الجودة تنفيذا ومواد وحتى من ناحية التصميم.
فلله در من رسم ابتسامة الفرح ووضع حدا لمعاناة ملايين المواطنين بحثا عن أراض أو عقارات تناسب قدراتهم، فغدوا ضحايا من يبحثون عن المكاسب المضاعفة والجشعة من كد وعناء الناس وراحة بالهم وعقولهم، حتى أصابت أولئك التجار التخمة فعميت البصائر، لأنه مع التخمة يغيب الفكر والحس. ولا ننسى (القطط السمان) وأنتم تعرفونها، المصارف التي دخلت على الخط لأنها تلتهم من ورائه أكباد المواطنين وليس أموالهم فقط وبنسب فاحشة يغدو المواطن المغلوب على أمره أسيراً لأقساطه لها سنين طوالا.
كنت مع صديق لي في الدمام قبل أسبوعين ورأينا توسعا عمرانيا تمثل في العمائر السكنية والشقق المعروضة للبيع إلى جانب الفلل بالطبع، وإن كانت الشقق أكثر نظرا لطبيعة المنطقة كونها مدينة عمل وشركات كبرى، لكن الغريب أن أسعار الشقق كانت رخيصة مقارنة ليس بالرياض فقط، ولكن حتى في مدينة حائل التي يصل سعر بعض الشقق فيها إلى نصف مليون ريال.
لقد رأينا شققا بسعر مئتين وثمانين ألف ريال في الدمام وفي حي ناشئ جديد وليس عشوائيا أو قديما. فلم هذا التفاوت وعدم التوازن، وفي مدينة رئيسية وحيوية كالدمام تكون أسعار العقار معتدلة ومقبولة بينما هي حارقة ملتهبة في الرياض والسبب كما تعرفون هو المضاربات وغياب التنظيم وقلة المعروض المطور (أي الأراضي التي تم توصيل الخدمات الأساسية لا).
وهي المدينة التي تمتد على هضبة نجد لا يحدها جبل أو بحر حتى يكون هناك مبرر لفحش الأسعار.
أما مدينة حائل التي سقتها مثلا فهي المعروفة بموقعها الاستراتيجي والحيوي الذي يربط مناطق المملكة بدول الجوار الشمالية إضافة إلى حيوية مجالها الجوي وكونها نقطة تقاطع دولية للخطوط الجوية العالمية، عدا عن مزاياها ومشاريعها الحيوية وجامعتها الفتية، إلا أن زيادة الطلب على الوحدات السكنية والأراضي فيها أدى بالطبع إلى تضخم الأسعار ونشوء المضاربات وانعدام التوازن كما في غيرها مع غياب التنظيم وتأخر مشاريع الإسكان.
لكن فرج الله قريب، وبالفعل جاء هذا الأمر الملكي الكريم بإسناد أمر منح الأراضي بعد تطويرها إلى الجهة ذات الشأن وهي وزارة الإسكان، بدلا من وزارة الشؤون البلدية التي يفترض أن تتفرغ لمهامها الأساسية من مراقبة وتنظيم وتشريع للخدمات البلدية.
جاء هذا القرار بلسما على قلوب من ينشدون مأوى كريما لهم ولذويهم، حتى يتفرغوا للعطاء والتعلم والإسهام في رخاء واستقرار ونهضة مجتمعهم وبلدهم، والله يرعاكم.
omar800@hotmail.comتويتر @romanticmind1